سارة حامد حواس
اعتدتُ أن أرى كلابًا كثيرةً تعْوِي في طريقي
كنتُ أشعرُ بالشَّفقةِ
أقفُ لأرمي لها بقايا عظامٍ ولحْمٍ منثُورٍ في الطرقاتِ
لكنَّني منذ فترةٍ انتويتُ المشْيَ قُدَمًا بثباتٍ
مذ اكتشفتُ أنَّ عواءَها طبيعةٌ فيها.
لم يعُد يعنيني ما فيها
بعدما صِرتُ أنامُ على سريرٍ من غيمةٍ بيضاءَ
مرفُوعًا على أرجُلٍ من تُفاحةِ آدم
مسنُودًا على جدارٍ من ريشِ يمامةٍ زرقاءَ
أركضُ في نهرٍ باسمي
أودعهُ حامدٌ في كفَّيَّ
لا يسمحُ بخوفٍ أو استسلامٍ
لا يسمحُ برجُوعٍ أو استغفالٍ
نهرٌ يُكفكفُ دمًا يسيلُ
إثْرَ رحيلِ لغويٍّ لم يقُل وداعًا
لكنَّهُ ربَّى طيورًا
صارت تحرُسُ قلبًا من ألسنةٍ
مربُوطةٍ بغُرَابٍ ماتَ من ألفِ سنةٍ
ومن أفواهٍ محفُوفةٍ بألسنةِ نارٍ لا تهدأُ
ومن وجُوهٍ مرشُوقَةٍ في أسياخٍ صدِئةٍ
صار قلبًا في الشِّعْرِ يحبُو
أطلقَ عُصفُورًا أزرقَ
بنى عُشَّهُ في صدرهِ
نفث دُخَّانًا
جرى في عرُوقِهِ
ولفظ سُمًّا
باتَ على سريرِهِ.
صار قلبًا بيدٍ
ذات سبعةِ أصابعَ
بأربعةِ أجنحةٍ ولسانين
وشَفَةٍ واحدةٍ
وثلاثِ عيونٍ
عينٌ تحدسُ
عينٌ تسبحُ
عينٌ تُحلِّقُ
في سمواتِ ملاكٍ سرِّىٍّ
لا يعرفُ من الأبجديةِ
سوى ” أ-ح-ب-ك”.