البهاء حسين
تنتظرك إحداهن، لتكتب عنها قصيدة
تنتظرها أنت، لتقع في حبّك
تباً للانتظارِ
للكلماتِ التى نخبئها تحت الجلد
وتصبح، مع الوقت، أوراماً خبيثة
تبا لى، لأن حبي مؤقت..
لكل فصلٍ حبّ، كالملابس
تباً لقلبى
أنا لا أحترم قلبى
تباً للمخاوف التى نربّيها بداخلنا منذ الطفولة
المخاوف التى تتبنى قلوبنا وهى غضة
المخاوف التى لا تلغيها ضغةُ زرٍ
تباً للحب
ما إن تقترب من إحداهن حتى تفارقها
ما إن تقترب من نفسك حتى تغترب عنها
،،
ما لى
أأنت خلقتنى هكذا يا الله
أم أن العوادم تجعل حبى مؤقتاً
،،
يمكننى أن أحتمل كل شيء، ما عدا ألا تكون لى حبيبة
أكره كلّ ما فى القاهرة
لكنى أحبها
:
الأماكنُ رحمٌ
أمٌ
أبوك الحقيقىّ هو المكان
جرّب أن تكون يتيم الأب
سوف تشيخ، مثلى
لكن لن تكبرَ من دون مكان
،،
حبيبتك مكان
صدر حبيبتك هو مسقط الرأس
،،
هنا
لا بدّ أن تحبّ، لتعرف كيف تمشى وسط الزحام
كى تحتمل رائحة الملابس التى تستعملها القاهرة منذ ألف عام
كل يومٍ
أنتظر الأتوبيس طويلاً
وحين يأتى يغيّر خطّ سيره
كل شىء هنا
حتى عجلات الأتوبيس لا تفهم إحداها الأخرى
لا تشاركها الاتجاه
لهذا أريد أن أضع رأسى المتعب، الذى لم يذق طعم النوم منذ سنوات
على صدرك العارم يا ” إيمان “
لكنّ قلبىَ مُحرَجٌ
من اجتياز المسافة بين الصداقةِ والحب
مُحرَجٌ رأسى من الشيب
احذفى أنت المسافةَ
أريد أن أبكى على صدرٍ يعرف أن الدموع كلامٌ لا نسمعه
لكن نراه
،،
أنا بحاجةٍ إلى صدرك يا إيمان
إلى مدينةٍ بقبتين فقط
إلى عينيك الواسعتين، لأعرف طريقاً مختصراً إلى بيتى
إلى الله
لأعرف نفسى
لأعرف كيف نشأ الكونُ، وكيف ينزل المطر
والشمس ساطعة
كيف يتنفسُ الصبح
كيف تكون عين الحبيبة قارب نجاة
،،
عندما تهديك إحداهُن طعاماً
فقد أصبح بينكما عيش وملح
دون أن تقاسمك اللقمة
دون أن تراك
تعرف، من الزبدة التى أرسلتها، مثلاً
أن الحب، حين ينضج على نارٍ هادئة يعيش أطول
من السبحة
أن دقات القلب، فى حالة الحزن، يمكن عدّها
تعرف من قطع الجبن القديمة
أن “إيمان “
أن أصحاب الأرواح المعتقة
يعيشون داخل أنفسهم، لا يمدون رجْلاً إلى الخارج
أن جمالها يقاوم الدودَ بسهولة
أن المودة لا تحتاج إلى بهارات، لأن القلب يعرف أصحابه
تعرف، من العيش والملح
أن الطريق إلى الله باتجاهٍ واحد
وأن القلوب لا تحتاج إلى وضوء
كى تقيمَ الصلاة
،،
هنا إيمان
هنا القاهرة
هنا قلبى نذرتُه للغبار
للأزقة
للعصور التى تتكلس، كالرطوبة، على الجدران
للمشى
للبساطة التى تنادى أبناءها كل صباح
للبيوت التعيسة
للمدينة التى تقهر من يُحبها
للزحمة نذرتُ قلبى، كى أرى كل شىء
ووجدتُ قلبى يسيرُ من دونى
فى الزحمة يا “إيمان “
،،
لو أن لى قدرةَ الطيورٍ على تخمين العواصف
قبل وقوعها
لو أن لى قدرةً على التحكم فى المصائر
فى الزمن
كنت حذّرتُ القاهرة من المماليك
كنت أخبرتُك أن الحلم بالبئر يعنى
الزواج من رجلٍ يقذف جمالك بالطوب
كل يوم يا إيمان
كنت منعتُ نفسى من إنجاب ذرية
أزج بها فى العوادم
كنت اخترتُ طريقاً آخر
كنت وصعتُ إصبعى بين قبتيك
وتركته يؤذن للحياة .