عيار ناري

سمير عبد العزيز
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سمير عبد العزيز

كَانَتْ اَلسَّاعَةُ قَدْ تَجَاوَزَتْ اَلْوَاحِدَةَ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اَللَّيْلِ عِنْدَمَا غَادَرَ اَلْقِطَارُ حَامِلاً حَقِيبَتُهُ، وَوَطِأَتْ قَدَمَاهُ رَصِيفَ اَلْمَحَطَّةِ.. كَانَتْ اَلْمَحَطَّةُ خَالِيَةً إِلَّا مِنْ عَسْكَرِيٍّ يَقْطَعُ اَلرَّصِيفُ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَعَدَدً قَلِيلٍ مِنْ اَلرُّكَّابِ اَلَّذِينَ اِلْتَصَقُوا بِأَرْكَانِ اَلرَّصِيفِ فِي اِنْتِظَارِ قِطَارِ اَلْفَجْرِ.. مَضَى عَقْدُ وَنِصْفُ أَوْ يَزِيدُ قَلِيلاً عَلَى آخِرٍ مَرَّةٍ زَارَ فِيهَا اَلْبَلْدَةُ، كَانَ عُمْرُهُ حِينَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا بِصُحْبَةِ أَبِيهِ.. تَهُبَّ بَيْنَ اَلْفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى نَسَمَةَ هَوَاءٍ تُخَفِّفُ مِنْ وَطْأَةِ حُرٍّ بَؤُونَةَ. عَرَج عَلَى مَقْهَى اَلْمَحَطَّةِ.. جَلَسَ عَلَى كُرْسِيٍّ، وَعَلَى كُرْسِيٍّ بِجَانِبِهِ وَضْعَ حَقِيبَتِهِ، وَمِنْ جَيْبِ قَمِيصِهِ أَخْرَجَ عُلْبَةَ سَجَائِرِهِ وَأَشْعَلَ وَاحِدَةٌ.. سَأَلَ اَلنَّادِلُ وَهُوَ يَرْتَشِفُ قَهْوَتَهُ عَنْ وَسِيلَةٍ تَنْقُلُهُ إِلَى بَلْدَتِهِ.. أَجَابَهُ اَلنَّادِلُ: مِنْ اَلصُّعُوبَةِ اَلْآنِ أَنْ تَجِدَ وَسِيلَةُ نَقْلٍ وَبِخَاصَّةٍ فِي هَذَا اَلتَّوْقِيتِ وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَظِرَ حَتَّى اَلصَّبَاحِ.. لَمْ يُصْغِ لِنَصِيحَةِ اَلنَّادِلِ فَهُوَ فِي عَجَلَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُفَرِّغَ مِنْ مُهْتَمَّةٍ قَبْلَ حُلُولِ اَلصَّبَاحِ، فَقَرَّرَ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى بَلْدَتِهِ مَشْيًا عَلَى اَلْأَقْدَامِ وَلَاسِيَّمَا وَأَنَّ اَلْقَمَرَ بَدْرًا وَالطَّرِيقُ لَيْسَ مُظْلِمًا. فِي دَرْبٍ تُرَابِيٍّ طَوِيلٍ تَكْسُوهُ خُضْرَة اَلْحُقُولِ اَلزِّرَاعِيَّةِ عَلَى جَانِبَيْهِ مَضَى يَقْضِمُ اَلطَّرِيقَ إِلَى اَلْبَلْدَةِ قَضْمًا.. اَلْمَكَانُ يُغَلِّفُهُ اَلسُّكُونُ يَقْطَعُهُ نَقِيقُ اَلضَّفَادِعِ وَصُرْصُورِ اَلْغَيْطْ وَحَفِيفِ أَوْرَاقِ عِيدَانِ اَلذُّرَةِ.. تَتَوَارَدَ إِلَى ذِهْنِهِ صَوْتَ أَبِيهِ وَهُوَ يُحَذِّرُهُ بِعَدَمِ اَلتَّحَدُّثِ مَعَ أَيِّ أَحَدٍ وَأَنْ يَتَوَخَّى اَلْحَذَرُ.. تَذَكُّرُ فُضْفَضْتَهْ مَعَ اَلنَّادِلِ.. تَمْلِكُهُ اَلْخَوْفَ وَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ يَعُودُ أَدْرَاجَهُ.. مِنْ بَعِيدٍ لَاحَتْ لَهُ فِي اَلْأُفُقِ مَلَامِحَ بَلْدَتِهِ وَقَبْل أَنْ تَقُودَهُ قَدَمَاهُ إِلَى مَشَارِفِهَا أَصَابَهُ عِيَارٌ نَارِيٌّ اِنْطَلَقَ مِنْ وَسَطِ اَلزِّرَاعَاتِ

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون