عنها.. عنهما

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

(1)

أنا لاعبُ كرةٍ محترف

كُرةٌ أضعها فوق رأسي دون أن تتحرك على الإطلاق

أشرب القهوة وأعبر الطريق وألقي التحايا

وهي ساكنةٌ

مرةً شعرت أنها ملَّت الجلوس فوق رأسي

فدحرجتها أمامي

فملَّت أيضا

تركتها غاضباً وسرت في طريقي

فإذا بها تجري خلفي وتناديني

“أن خذني معك”

المؤلم أنها تُفزع الناس عندما يتحدثون معي

وتعزفُ إيقاعاً رتيباً 

لكنني أحبها

عندما تنام فوق كتفي

كصقرٍ كسرهُ الزمن فصار وديعاً

أنا ربيبُ الكرة الساكنة

التي تتحرك فقط

عندما تستدعي

قواها

فتصير أرضاً تحمل كل تفاصيل العالم

تتدحرج في تُؤَدة 

كأنها الدنيا 

فقدت خيمتها

وصارت بلا مأوى

أنا مأوى الأرضِ المتصعلكةِ

الهاربةِ من الخطوط المستقيمةِ

المتعرجةِ

المستديرةِ

التي تتحول أحياناً إلى قارب

أقف فوقه 

فارداً ذراعيَّ

ومخترقاً بها اليابسة

القواربُ التي تبحر في اليابسة

آخر اكتشافاتي

تقيني الأوحالَ

ونفاياتِ الشرِّ 

وأحزاني اليومية

كُرَتي

سِرّي

أتدحرج فوقها

ممسكاً تلابيب روحي

طائراً لأعلى

أنظر للعالم من علِّ

فأُدرِك حجمه

وأتسامى

كرةُ ليس لها شِباكٌ تعشقها

لها كتفٌ تَرتكِنُ عليه

ويلجأ إليها

كلما هبَّت العاصفة.

(2)

حتماً يغتابُني جلدي كل يوم

ويدورُ بينَه وبين دمي

 حديثٌ طويل

عن جنوني ونَزَقي

أنا أعرفُ ذلك جيداً

 فراشاتٌ تتنصتُ عليهما وتخبرني

ولا أعيرهما اهتماماً

هما فعلان مُمِلان

لا طموحَ لديهما

أحدهما ساكنٌ لا تحركه سوى وخزةٌ مباغتة

والآخر يدور في فلك ٍلم يصنعه

كلاهما مقهورُ

أحدهما يسجنه السكون

والآخر تقتله الحركة

كلما تناقلت الفراشات نميمتهما

ضَحكتُ

بل سَخرتُ

من هذين القزمين

فلو أنني أخبرت عظامي وعروقي بما يفعلان

لباغتاهما بضربةٍ قاضية

(3)

من المدهش حقا

أنه لم يملَّ من ملاحقتي

وكأنه يصر على أن يُبقيَ باب السؤال مفتوحاً

هل هو من خلق الله؟

أحياناً أراه مرتديا قبعته الشرطية

ينظر لي بنصف عينٍ

 ويبرمُ شاربه الكثيف

ويحدِّق في اللاشيء

مرةً نَهرتُهُ وهو يراقبني من ثقب الباب

وأخرى أطفأت المصباح لأهدده بالقتلِ

سأرسلُ في الصباح خطابا لهم

أقول: 

إن كُنتُم تُصِروُّن على ملاحقتي

 فاستبدلوا هذا الثقيل

فهو مثلاً يكاد يخنقني بدخان سجائره محلية الصنع

وأنا أمقتُ هذا الدخان

ولا أُحبُ من يرتدون المعاطف في الصيف

ملحوظة هامة: يا سادتي لا مكان للجبناء عندي

وظِلِّي تُرعِبه الظلمة

(4)

نحن توأمان

وُلِدنا من رأسٍ واحدة

وظللنا هكذا نعيش بين أنفٍ مرتفع

لا نلتقي

نتواصلُ عبر رسائلَ من دمعِ

يلتقي طيفانا في ضوءِ شمعةٍ

ذاتَ حُلمٍ

حاولنا أن نغافل الأنفَ الكبير

وأن نَعبُرَهُ

فإذا بفراشةٍ

تسقطُ فجأةً

لتُفسِدَ خُطَتنا

حينها

قبضَ علينا جنديان

ونحن نحاولُ القفزَ من سور  عالٍ

وأمسكانا من أهدابنا

كسجينين فرَّا

من قفص الاتهام

إننا موقوفان

 بأمرِ  النظرة

مجبران على التحديقِ

خادمان لدى عقلٍ أنانيٍ

لا يعتِقُنا

ولا ينظرُ في شكوانا

فمتى يأتي يوسف

ويُفَسَِّر رؤيانا

لو أنا نعصر خمراً

أو نحملُ خبزاً للطير

لرضينا بالحلمِ وبالتفسير

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم