عندما أبلغ المائة ونيف

فتحي مهذب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فتحي مهذب

عندما أبلغ المائة ونيف

سألعب مع الخفافيش في العتمة

وأعيد كلارنيت البومة العمياء

لتحتفل بعيد ميلاد ف. ت. ح. ي.

أسهر طويلا مع أي غوريلا

يحب الرقص والموسيقى وعصير المانجو..

شطائر البطاطس ومؤخرات النساء.

عندما أبلغ المائة ونيف

سأشتري تحفا وهدايا نادرة جدا

لعمنا جبرائيل

ليمحو ذنوبي من إضبارة المغضوب عليهم.

سأشتري صحنا طائرا لزيارة ماوراء الطبيعة.

سأحب العالم أكثر.

سأحب الأنهار أكثر من ذي قبل.

النساء المسحورات في القوارب

أزهار الكريسماس وستائر الدانتيلا

الذئاب التي تلتهم الربوة.

أوركسترا البجع في البحيرة الضحوكة.

القطارات المليئة بالرهبان والهنود الحمر.

سائق عربة الله والقناص عزرائيل

أذهب مرة في الأسبوع إلى الكازينو

صحبة صديقتي اليهودية المسنة

في عربة مرصعة بالجماجم

يجرها دراكولا بمخالبه الحادة

بينما أرانب ذكرياتنا

تتطاير كالشرر

والزمن يتقدمنا مثل كلب عائلي مهذب

بينما تتهاطل ليرات تركية من تجاعيدنا

والصمت مليء بالفستق والفراولة

عندما أبلغ المائة ونيف

سأطلق نمور هواجسي في الكنيسة

سأصلي وأبكي كما لو أني أمام تابوت -عزرا باوند-

وفي يدي تختلج شحمة أذن -فان غوغ-.

سأروض فيلة متناقضاتي في حديقة البيت الأبيض.

أعتلي عرش النهار وأجلجل

أنا ملك الأيام السبعة.

كبير السحرة صائد التنانين الأشقر

أطرد الفلاسفة من مدينة رأسي.

وأقول لقلبي: يا ملكي وحبيبي

سأعتني بأزهارك جيدا

ونبارك الصلبان التي يضيء.

عندما أبلغ المائة ونيف

سأكون أكثر جنونا

سأصارع وحوش أمراضي المفترسة

أشرب الخمر مع ابن آوى

أملأ بيتي بالمجانين والمشردين

بشواهد القبور وأسماء الموتى

السحليات والسناجب المتجمدة

أحرر السماء من قبضة الخوري

أقاضي أسخيليوس

متهما إياه بانتحال شخوص مسرحياتي.

وأزور ضريح هيمنغواي

مثل راهب من التيبت

قائلا: الرصاصة التي ابتلعتها

لم تزل تدق باب بيتي في الشتاء.

أهدي مثانتي لقطاع الطرق

سأركب سيارة ليموزين

لأستلم جائزتي من خازن النار

عندما أبلغ المائة ونيف

سأفكر في سرقة كنوز الملكة حتشبسوت..

تاج أخناتون العظيم..

سأعمل في حرفة النجارة

سأصنع مركبا بمئتي مجذاف

وأغزو ميتافيزيقا حبيبتي السمراء.

عندما أبلغ المائة ونيف

سأبني عشا في المستشفى

بقش أعصابي المتهدلة..

سيكون مليئا بالغيوم والدموع

أزوره مرة في الأسبوع

مثل طائر العقعق

أصغي إلى صناجة هادم اللذات

وعبور حشد من الأشباح

غير أني مليء بفيوضات النور

بمحبة الأشياء المتحركة.

لا أفكر في مشية الموت العرجاء

لا أفكر في نهاية ما.

لا أفكر في يوطوبيا الأبديات

أو في شراهة صندوق الأموات

طقطقة عظام المعزين

الثقوب السوداء التي سأتركها

في البيت المتداعي.

لا أفكر في بنية هذا اللاشيء المركب.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم