علاقات الذات المشتبكة في نصوص “رسم قلب”

رسم قلب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد عطية محمود

في مجموعة نصوص “رسم قلب” للقاص حسن الحلوجي، الصادرة عن دار(فكرة)،  تبدو العلاقة بين نماذج النصوص القصيرة جداً، والحياة على نحو متمثل لها، وليس مطابقاً لواقعها على أية حال، فالفضاء الذي من الممكن أن تخلقه هذه الحالة من الكتابة/ الدهشة، أو هذه الومضة الكاشفة، وربما الملغزة في نفس الآن، قد يطرح علاقات عادية سابقة التجهيز، بما يتسق مع الحالة الذاتية/ الآنية التي تعبر أولا عن ذاتية الرؤية السردية وأحاديتها، أو من حيث الإيغال الشديد في ذاتية المسرود عنه.

هذا إذا ما اعتبرنا أن كل ما يجرى على هذه السطور سرداً متخيلاً، أراد الكاتب الوصول إليه من خلال تلك الومضات، التي ربما وشجها من داخل المجموعة ارتباط ضمني أو ارتباط حالة، أو تلك التقنية التي تتماس في كثير من الأحيان مع الاتجاه الذهني الذي ربما ساهم إلى حد كبير في كثير من الحالات في إعادة تشكيل تلك العلاقات أو العلامات الدالة وتطويعها لتسير في اتجاه فلسفي معجون أحيانًا مع مفردات الحياة الموجودة بتلك الومضات التي تتحول في بعض المواضع إلى قرصات أو لدغات أو برشامة صغيرة تحتوي على معادلة تختزل الحياة بين رموز وأرقام وعلامات رياضية بحتة؛ ليصبح بالرغم من ذلك، للدلالة اللفظية، والدلالة المعنوية، والإسقاط الاجتماعي أو السياسي دور فاعل في تفعيل تقنية النص.

ولعل ذلك، على المستوى العام، مما يفتح بابًا للجدل حول سمة من سمات النص السردي/ النثري الجديد، الموغل في القصر، والذي تتشعب اتجاهاته لتتماس، في كثير من الأحوال، مع روح التجربة الشعرية التي ربما ألقت بظلالها على النص على مستوى الفنيات والسمات التي تميز الشعر من تكثيف للصور، وتركيزها، واختزال الجمل وضغطها في بعض كلمات لإحداث هذا الحراك وربما الانفجار في فضاء النص، وخلق فراغات للتأويل وطرح الفكرة على مستوى تخييلي واسع يعتمد على رؤية المتلقي ومدى استعداده لتقبل النص المحدث.

هذا إذا ما اعتبرنا جدلًا أن كل النصوص تخضع لتقنية القصة القصيرة جدًا، كنموذج حائر مفتوح مازال يحاول، في مجمل تاريخه أيضًا، التثبت من كينونته الفاعلة داخل متن هذه المجموعة من النصوص أو العلاقات التي ترتبط بها بعضها ببعض سواءً كانت طردية أو عكسية، أو ككيان جديد يخرج على المستوى العام من رحم النثر والشعر معًا.. ذلك مما نحاول أن نستجليه من خلال هذه النصوص التي تتمايز فيما بينها باختلاف زوايا الرؤية التي ربما اتسعت مع هذا الاختزال أو الضيق في العبارة، وربما ضاقت على مفهوم آنٍ لا يستوعب إلا ذات الكلمات المطروحة على فضاء السطور وفضاء التلقي الذي ربما انغلق على النص ومتلقيه على حد السواء.

وربما داعب القاص في هذا المقام قارئه/ نصه الجديد، متطلعًا إلى هذا الاتساع في الرؤية الذي أشار إليه النفري في قوله البليغ “إذا ضاقت العبارة. اتسعت الرؤية“، كبوابة لمجموعته وكمتكأ لنصوصه، وربما تحصينا لتلك النصوص من فخ الوقوع في مأزق العلاقة العكسية التي ربما أتت بها بعض الحالات النصية.

يعمد “الحلوجي” إلى تقسيم مجموعته إلى عدد من العناوين الداخلية يتبين لنا من رصد دلالاتها اللغوية مدى ارتباطها أو بعدها عن الحالة التي تعالجها أو تطرحها على المستوى الإبداعي تلك النصوص في محاولة لاحتواء علاقات ناشئة ومتمحورة حول ذات المعنى أو الدلالة، على نحو ما نراه في “مقسوم“، “شيزوفرينيا“، “علاقات“، “خلل“، “رسم قلب“، “تنهيدة“، “دموع“، وما يقدمه فيها من نصوص تعد بمثابة عزف متنوع على وتر معالجات قد تختلف وتتمايز، ولكن في إطار هذا النوع من محاولة كسر طوق الاعتياد الممض.

فمن خلال نموذج “العشرة(ص9 ) تتجسد المعاناة النفسية منبثقة من واقع اجتماعي يعالجه النص من خلال علاقة مبتسرة بين زوجين، لم يفصح بالطبع النص عن سماتهما ـ ليشكل نوعا من العلاقة المتوازية مع سمات الحياة بصفة عامة، ولتنفتح العلاقة على مستوى الدلالة: “صوت شخيره يصدر فوضى تدمر سكون الليلي.. لم يعد يضايقها ذلك مع عشرة النوم الطويلة فأذنها التي من طين صارت فخاراً، وأذنها التي من عجين صارت خبزاً

هنا تأتي الصورة المجازية التي يجعلها النص خلفية للصراع الناشيء بين طرفي الحياة فيه، من خلال تعبير “فوضى تدمر سكون الليل“؛ فالليل هنا تجسيد لمنبع الأسرار بينهما، أو المسكوت عنه في علاقتهما، والذي تستمر وهدته مع مرور الأيام، لتكون القنطرة التي تمر عليها حياتهما كـ “عشرة نوم طويلة” لتؤطر للسكون العام والرضوخ الذي يكتنف العلاقة بينهما، ويسمها بهذه السمة من سمات التراخي والاستسلام على الدوام؛ لتكون النتيجة الحتمية هي تحول الطين/ المعادل الموضوعي للإنسان إلى نوع من الفخار أو المعادل الموضوعي للجماد الذي لا حياة فيه، وليحول فعل الطبيعة وذلك الاعتياد المر على حتمية الاستمرار معا، العجين إلى خبز تستمر بها الحياة بشكلها المعتاد. هنا يوجز النص باختزاله عالمًا كبيرًا مشمولًا بحركة الاعتياد الآلية، ومضروبًا بالسكون الذي لا يقطعه سوى فعل الشخير أو الفعل الإيجابي الوحيد، المنطلق من أريحية نفسية تنتاب أحد طرفي العلاقة في نومه بعيدا عن المؤثرات، في مواجهة فعل إيجابي أتى من فعل سلبي، وهو الاستمرار بلا روح، وإن كان يصب في اتجاه الحياة كبوتقة مشغولة دائما بهاجس الاستمرار والديمومة.

من خلال نص “لحظات عابرة(ص 13)، تستمر سمة الاعتياد وتؤطر، وإن كان من خلال مساحة أكبر للتحرك، بالخروج من إسار الليل إلى حركة النهار/ الدال الأكبر على معنى الحياة التي قد تلزم الأشخاص بفعل التلاقي المرئي فقط، لا المقابلة الحقيقية التي ربما تنقلب إلى مرآة من الممكن أن يرى فيها المرء حياته/ اعتياده، ربما من منطلق واقع فلسفي بديل، قد يبدو من خلال هذه الرؤية التي يطرح الكاتب بها نصه: “يقابلها يوميًا في نفس الطريق، وفي نفس التوقيت يتبادلان النظرات المكررة في سرعة وصمت

هنا تبرز بشدة سمات الاعتياد من خلال الحركة المتقابلة التي يحدثها النص، فالتقابل هنا هو تقابل وجوه، أو مشاعر دون تلاقيها إلا على مستوى الرؤية القاصرة عن إحداث أي أثر إيجابي، لكنها ربما تفتح الباب لهاجس آخر قد يكون مفتاحاً لفهم إحداثيات العلاقة بين الطرفين، أو ربما كان معبرًا لتحقيق معادلة أخرى غير محسوبة: “يحسب أن عملهما له طريق مشترك يمشيان يوميًا فيه“.

وبما أن الهاجس لا تتجسد نتائجه المرجوة، ويبقى في دائرته، تبقى دائرة الحيرة المشتعلة في النفس لينتج النص علاقته الجديدة بين الذات والذات، كمعالج لحالة الاشتياق إلى علاقة قد لا تكون مع الآخر، فيرتد شخص النص بتوحده مع ذاته كطريق لخلاصه من هاجسه: “حين خالفت عادتها وغابت أدرك أهمية أن يرى عاداته اليومية بعين أخرى“.

تبرز هنا أهمية نظرة العين كمعادل لفلسفة الحياة التي ينتهجها المسرود عنه، كنتيجة حتمية لعدم تحقق هاجس علاقته المبتورة مع نموذج الحياة المتمثل في المرأة التي لم يتحقق تواصله معها. ربما كان هذا النص نموذجًا مخالفًا للنص السابق حيث اختفت اللغة الدالة لتحل محلها اللغة الفلسفية أو بالأحرى المتفلسفة، بصورة كاملة استعاض بها الكاتب عن الصور الشعرية التي ظاهرت النص الأول، وربما لم يتأثر النص الثاني بعدم وجودها؛ لتتمايز أساليب الكاتب في التعبير عن حالاته النصية كما أسلفنا.

إلا أن الهاجس قد يتحقق في نص “نصفان(ص 15) على أرض مغايرة يكون فيها التواصل أكثر إمكانا للتحقيق، وإن كان بنوع من الذهنية التي يقدح أحد طرفي العلاقة فيها فكره ليستنتج نتيجة غير متوقعة، قد تكون حبلا من حبائل كبيرة للإيقاع بفريسته التي حاولت، بدايةً، افتراسه: “سألته: إحنا اتقابلنا قبل كدة؟ فركز في ملامحها طويلا حتى قال: تقابلت روحانا في لحظة وجود مبكرة فعشنا نصف الحياة بنصف لقاء.. واكتملنا الآن

حيث يأتي السؤال كمصيدة أو كفضاء متاح للتخييل على مستوى النص والنفس معًا، ولاستجلاب ما في النفس من رغبة، يقابلها الطرف الآخر بهذا الأسلوب من التفكير أو التركيز أو الذهنية العالية، لينتقل بالعلاقة من حيز الشك والاصطياد، عبر قنطرة الماضي/ الوجود الخفي/ التاريخ المجهول الذي ربما كان في عالم الذر (افتراضا وتكهنا أو استنادا أو توظيفاً لعملية روحانية لها جذور في المعتقد والفكر) أو من قبيل سبل الإيهام للإيقاع بالفريسة، كعملية رد فعل سريعة/ سرعة بديهة. يبرز النص بجانب ذهنيته تيمة المعرفة كمحرك ضمني للكتابة النصية والتأثير بها، اعتمادًا عليها، كمثال، في تأصيل فكرة الانجذاب الروحي، ليخرج بفلسفة الاكتمال أو بالأحرى فلسفة اللحظة الحياتية المعاشة من خلال لحظة نصية غلبت فيها الذهنية على تلقائية المشاعر والأحاسيس، والتي ربما استدعاها النص؛ ليبرز فضح قيمة من قيم المجتمع القائم على التدليس واللعب على أوتار الخداع للوصول إلى بعض المآرب.

ثمة علاقات تتمخض عنها حالة الـ ( شيزوفرينيا) التي يطلقها الكاتب من خلال نماذج تجترح الذات وتضغط على مناطق الانشطار والتشظي فيها من خلال نموذج العلاقات الإنسانية المشوهة سواءً مع الذات أو مع الآخر/ النصف الآخر للحياة، سواءً في رمزيتها، أو تصريحيتها المؤكدة على حقائق ثابتة؛ فنص “مستر هايد” يشتغل على تيمة الانشطار التي تحكم علاقة الذات بنفسها، فالذات تحاول ضمنيا الابتعاد عن شبح الرقيب الذي ينبثق من داخلها ويتحول إلى آخر لا يلبث أن يعاوده الحنين إلى ممارسة نفس الدور الذي تقوم به الذات: “يتدخل في حكاياتي، يطل بدلا مني في صوري، ويسير بحذائي، متمنيا غيابي(ص32)

هنا يؤكد النص على هذه الازدواجية أو الحس المرضي الذي يؤطر العلاقة، ويحكمها بأعراضه. هذا التلازم الذي يؤدي إلى الرغبة في التلاشي، لكنه يدعم الوجود الإنساني أو الرغبة المحمومة في البقاء والظهور على سطح الحياة، هذا الرد النفسي الذي يطرحه النص بجملته المفصلية: “..لكن حياتي تهمه” ليعمق الالتباس بين الشخصين/ النصفين، ويشعل في العلاقة نار تأججها، لتعيد الروح إلى الكيان المنشطر المبعثر الباحث عن العودة عبر أعطاف النفس، حين يكمل: “..حين يتقمصها كلما شاهد نفسه في المرآة “، حيث تلعب هنا المرآة دور الحقيقة أو الفيصل الذي يحكم علاقة وجود هذه الذات على وجه الحياة، فالمرآة هنا أيضًا تمثل المعادل الموضوعي لحياة مشتهاة يدور حولها صراع الذات مع داخلها.

كما يمتد تأثير هذه التيمة إلى نص “تزوير” الذي يتوجه إلى استخدام تقنية من تقنيات العولمة التكنولوجية، المرتبطة بالحاسوب الذي أصبحت مهمته أيسر في تدليس الواقع المرئي، كممارسة يستدعيها النص لفرض سمات الواقع الافتراضي الجديد، يعمق بها تلك الهوة بين الذات المرئية والأخرى الداخلية المنتهبة بمشاعر اغترابها وانشطارها، والمتأثرة حتما بمرور الزمن: “أزال تجاعيده بالـ (فوتوشوب)، ليقلل عدد سنوات عمره. كيف ستأمن له ملامحه الجديدة أن يصنها بقلبه العجوز” (ص34)

فبين الزمن الحقيقي الداخلي للذات، والزمن الصناعي، الافتراضي المتمثل في صورة الفوتوشوب/ الواقع الجديد، تقع هذه الهوة التي تعمق من معنى الانشطار الذي يلعب عليه هذا المحور من محاور هذه العلاقات المتناحرة. إلا أن هذا الشعور قد يقابله هذا التوجه، في نص “ثورة(ص43) الذي تتجه إليه العلاقة بين الذات حين تتجه نحو الاكتمال بالاقتران بالآخر المتمثل في المرأة التي تحنو وتكفكف، لتجبر كسر العلاقة غير السوية بين الذات ونفسها التي عرج عليها النص السابق، لتنشأ هذه العلاقة العكسية بين النصين بدلالات وجودهما، على حيز النص/ الواقع الجديد الذي تفرضه طقوسه: “أزالت بلمسة من أصابعها غلالة الدموع التي تيبست أدني مقلتيه منذ زمن أظلمت فيه جفونه. قامت بثورة في ملامحه، فخلصتها من أسر الهموم. صار الآن حراً، قادراً أن يبتسم بلا عتمة، صار في وجهه نور

هنا تتجسد تلك العلاقة العكسية بين النصين، حيث تلعب المشاعر الإنسانية محل التكنولوجيا والواقع الافتراضي الجديد، ولتمثل اللمسة الإنسانية المعادل الموضوعي للحياة مرة أخرى، ولتكتمل الصورة الطبيعية بشكل طبيعي موح بالفقد على المستوى الواقع، والذي تروم العلاقة التي يعقدها النص تحقيقه.

كما يأخذ شكل العلاقة في نص “بحبك” نمط اللعب على الملامح التي تتشكل لتكون واقعا عبثياً جديداً تفرضه سمات الحالة التي تتأرجح فيها الذات على مشنقة الزمن من خلال مشهد رومانسي تفضحه عبثيته، منطلق من واقع خاص غير متحصل على مقومات وجوده (ص57):

أثناء سيرهما على الكورنيش ظل يقول لها (بحبك بحبك) حتى تحولت الكلمة على ملامح وجهه إلى شفاه تعلو وتهبط كحدي مقص طائش. يتبعهما كناس يزيح بتذمر ما سقط من معانيه المبتورة

هذا التجريد الذي يمارسه النص على المشاعر وتحويلها إلى ممارسات عبثية باردة بفعل التدليس الذي يغلف كل شيء في الواقع الذي يتخلى عن موقعه لصالح العبث المفرط الذي يقوم بتحويل المعاني إلى مجرد أدوات للكلام الآلي الذي يتأرجح بلا فائدة، في جملة بليغة هي: “شفاه تعلو وتهبط كحدي مقص طائش” حيث تعمل هذه الصورة على تكريس مفهوم الآلية من خلال إطارها العبثي الدال، غير المكتفي بالمشهدية، ونزوعه إلى الحركة التصويرية المتخيلة.

مع عنوان المجموعة الرئيس “رسم قلب“، وكمحور من محاورها الداخلية تبرز نصوص تتكيء على المفردات والعلاقات المرتبطة بمعنى القلب معنويًا وماديًا وتستقي، أيضا سمات من قيم التعامل معه سواءً على المستوى المادي/ الكياني أو المرضي أو الحسي، ففي نص “وسائل(ص83) تتجسد العلاقة المبتورة للأنثى التائقة لمعانقة نصف وجودها الآخر، وسعيها الحثيث نحو الوصول إلى غاية نفسية وحياتية للتعرف على سمات عالمها التي كانت تجهلها، وتجهل السبيل للوصول إلى المعاني الحقيقية للأشياء، وترتيب العلاقات، وإن كان الوصول يتأتى بطريقة ذهنية تدعو إليها الحاجة الملحة: “تأخر عليها طويلاً، وأحبطها الطرق على بابه بلا رد وبعد حين من تورطها فيه قررت أن تواجهه بعيونها، فلم تجد سوى سراباً، فتحسست نظاراتها، ووضعت لقلبها منظماً كي يدق فقط لمن يستحق

بحيث يقنن النص مع بطلته هذه العملية الذهنية التي تخضع القلب الحسي الخالص، إلى ذاك الإجراء الوقائي الذهني أو الصناعي المستمد من قيم العلم وتطوراته التكنولوجية التي تهرب بها معظم الشخوص من سطوة خداع الأحاسيس، تناغما مع فكرة تحويل الصور بتقنية الفوتوشوب التي تعامل بها الكاتب مع نص “تزوير“. والقلب هو أيضًا الذي يحتكم إلى العلاقة الهندسية في نص “منطق(ص84) الذي يشكل بها الكاتب رؤيته باستخدام الناحية العلمية بشقيها الرياضي والفسيولوجي في تضفيرة غلبت عليها الذهنية في التناول سواءً من منطق العلم أو منطق الاتكاء على تيمة الغواية، كسمة إنسانية فطرية لها تاريخها المتنامي على مدى مراحل الوعي الإنساني: “الخط المستقيم في رسم القلب دلّ على توقف حياته. الخط المستقيم أكثر تعرضاً للإغواء من الخط المنحني. حين توقفت حياته كان أكثر عرضة للإغواء.”

يلتبس النص هنا بالغموض الذي يعقِّد من العلاقة بين القلب وأحواله التي تنتهي حتما بانتهاء الحياة ارتباطاً بهذا الحس اليقيني بهذه الحتمية. فهل يطرح النص سؤاله المهجوس به حول ماهية هذه العلاقة الأزلية والجدلية بين القلب والحياة ابتداءً وانتهاءً ومعراجاً يومياً نحو المصيري والمؤثر في فعاليات الحياة ونقيضها، وذلك مما يلمح إلى سمة من سمات فلسفة الكاتب الخاصة في التعامل مع نصوصه القصيرة المتفاعلة بدرجات كبيرة وبطرق متفاوتة مع تطورات الحياة من خلال أكثر من واقع وأكثر من وجه وأكثر من قناع.

 

مقالات من نفس القسم