كان حضور علاء صاخبا وعنيفا، ترك أثرا لا يمكن إنكاره على الكثيرين حتى ممن اختلفوا مع طرحه، وأظن أنه ترك فينا جميعا، ممن كنا نعرفه في ذلك الوقت، شيئا ما في الشعر وفي الحياة. لم يكتف علاء بكتابة شعرية لم تكن معهودة قبله وإنما جاء بخطاب شعري متماسك وعدة نظرية، كان ميشيل فوكو حاضرا فيها بقوة، تعضد فكرته حول كتابة الجسد وهو الشعار الذي سوف يتنشر بعدها طوال حقبة التسعينات وسوف يسم به نقاد الأدب ومتلقوه جانبا كبيرا من تلك الكتابة الشعرية والنثرية على السواء والتي ظهرت في تلك الحقبة.
لم يكن تلقي قصائد علاء أمرا سلسا وكما هو متوقع فبقدر تلقيها معجبين كثيرين تلقت أيضا تشويهات ليست على علاقة بالكتابة وإنما على علاقة بالتفتيش في الجانب الشخصي، في البحث عن فضيحة ما بين السطور، لكن هذه الجوانب تخبو تدريجيا ولا يبقى إلا الشعر نفسه وشعر علاء يبقى ما بقي الشعر.
لم يشأ علاء أن يكون صاحب عمود ومريدين وكان من الممكن أن يتحقق له ذلك لو أراد وأن يركن إلى خطابه الشعري فقط، لكن طاقته الكبيرة ما كان لها إلا أن تتوزع بعد ذلك على مسارب أخرى شعرية ونثرية، لكن دائما يبقى علاء أمام عيني الشاعر المتوتر الذي يأتي من الإسكندرية حاملا قصائده وكلامه، يضرب أحجارا ويهز أشجارا ويكتب ويقرأ قصائده بعين دامعة.
مدريد