علاء خالد: الانتماء الرحب إلي الحياة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد عبد الجبار

كانت الوعكة الصحية الأخيرة التي ألمت بالشاعر والكاتب علاء خالد ــ والتي نهنئه علي شفائه منها - مناسبة للتأمل قليلا في الأدوار المتعددة التي يلعبها داخل مدينته الأثيرة، ومن أهم الأدوار التي يقوم بها علاء خالد في اسكندرية قدرته علي جمع عدد من المثقفين، الكتاب، الشعراء، الفنانين التشكيليين، السينمائيين المستقلين، المسرحيين والموسيقيين، وبالتحديد من الأجيال اللاحقة علي جيله. لعلاء قدرة غريبة علي الاستماع وقدرة أن يجعلك دائما في حالة نشاط لتفكر معه بصوت عال، وفي الحقيقة احيانا كان هذا ممتعا ومرهقا في نفس الوقت.

عندما أذهب إلي علاء في الجاليري أمر أولا امام النافذة الزجاجية العريضة التي يجلس خلفها فيومئ لي مرحبا ومبتسما.. نفس الجلسة التي يوفرها لك علي كرسي صغير يخرجه من جانب في المحل هو الكرسي الذي جلس عليه الكثيرون.

علاء لا يجلس علي المقهي كثيرا حيث يتسع المكان لأكثر من واحد لكنه كان دائما في الجاليري حيث المكان يتسع لواحد فقط، ليعتقد أنه الوحيد، ويقينا أنه الوحيد لبعض الوقت، هذا الجزء من وقته الذي يوفره علاء لآخرين، أعتقد أنه يأتي من إيمانه بدوره كمثقف. ففكرة المثقف عند علاء خالد تتجاوز فكرة الكاتب أو الشاعر أو محرر المجلة الثقافية لفكرة الإيمان بالدور الذي يقوم به احيانا، لا يهتم علاء بالأخرين لكونهم شعراء أو كتابا، ولكن أكثر الارتباط  الإنساني هو الأساس الذي يبني عليه فكرته عن الثقافة. فالثقافة عند علاء خالد ليست الكتب التي تقرأها أو الكتب التي تكتبها – هي لا تغفل الكتب بالتاكيد – ولكنها تتجاوزها لتصل إلي الفكرة الرئيسية للثقافة: كيف تكون الحياة؟

من عنوان ديوانه “حياة مبيتة” نشعر أن الحياة ذاتها كانت هي هم علاء، الحياة التي تتكلم عنها الكتب، ولكنه يرفض أن تظل الحياة مخبأة في صفحات الكتب. ومن مجلة “أمكنة” بالتحديد التي يحررها بمشاركة من زوجته سلوي رشاد والصديق مهاب نصر، تتحرك الثقافة التي يؤمن بها لتغطي كل مناحي الحياة والبشر ذاتهم.

هناك انواع كثيرة من المثقفين، وعلاء خالد مثقف ابن طبقة متوسطة، تلك الطبقة التي حملت عبء الثقافة لفترة طويلة في المجتمع المصري، ينتمي علاء لهذه الطبقة قد يتشابه مع انتمائه إلي الأسكندرية أو انتمائه لجيل التسعينيات أو كشاعر من شعراء قصيدة النثر. أقصد بنوع إنتمائه لكل هذه المجالات أنه دائما تربطه  سواء بالطبقة أو المكان أو بالنوع الادبي علاقة اوسع وأرحب من التشدد. لكن علاقة قادرة دائما علي مراجعة أفكارها حول المكان وليست هي الحب أو الارتباط العاطفي أو القدري.

كانت له دائما القدرة علي المعرفة أولا أنه ينتمي إلي المكان والطبقة وغيرهما وفي النفس الوقت الفهم لمعني أن تكون لك علاقة بالمكان، وليس النقد لمجرد النقد ولكنه مفهوم قديم كان يتحدث عنه “بياجيه” عن الفهم والتفهم والتفاهم، علاء في علاقته بالثقافة والمكان والطبقة يعرف موقعه جيدا ويفهمه ويحاول دائما أن يتحاور مع هذا العالم الذي ينتمي إليه، يدرك أن الكثير من الحنين قد يشوش علاقتك الحقيقية وأن عليك دائما أن تبحث في علاقتك بالإسكندرية أو بطبقتك أو بالثقافة بشكل عام. هذا ما كان يفعله علاء وعندما ننظر حتي إلي عناوين دواوينه “تهب طقس الجسد إلي الرمز” و”الجسد عالق بمشيئة حبر” مرورا ب”حياة مبيتة”،  “تصبحين علي خير يا أمي” و”كرسيان متقابلان” و”تحت شمس ذاكرة أخري” نستطيع بقراءة سريعة التقاط تغير في المفردات وبالتأكيد تغير في العلاقات بالعالم، لتتحول مفردة مثل “الجسد” تتكرر في أول ديوانين إلي مفردة غائبة، وكأن الجسد الذي يرمز للحياة بشكل ما، يتحول الاهتمام عنه من عنصر أساسي للحياة، إلي الكلام عن الحياة كلها في “حياة مبيتة”  أو الجلوس علي كرسيان متقابلان” ويذكرني هذا العنوان بالجلوس مع علاء في الجاليري كما يسحبني إلي فكرة التفاهم مع العالم أو الحياة كانها صديقة تجالسها.

لعلاء أيضا ثلاثة كتب نثرية “خطوط الضعف” و”طرف غائب” و”وجوه سكندرية” وأيضا قد نري خطوط الضعف التي تقود الي بحث عن طرف غائب في المعادلة مع الحياة ولكن بالتأكيد ليست النتيجة هي التأمل في الوجوه السكندرية هو الحل ولكنه نوع من التأمل لشخص حاور الكثير من الوجوه لفترة طويلة وهذه هي رحلة فهم اخري للعالم علي ما أظن.

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم