عروسٌ تُزَفّ إلى نفسها

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 30
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فرانسوا باسيلي 

عيد ميلادٍ أتي 

يحمل أوجاع التراتيل وأحداث القرون 

جاءَ المَسِيح الطِفْل مِصْر

كما يجيء اللاجئون 

ومصر تحضن من يجيء 

من عهد آمون ولا تردهم 

فمصر أُمّ الكَوْن 

وهل تَرُدّ  الطِفْل أُمّ؟

جنةٌ يحتمون بها من عزازيل جهنم 

كيريالايسون .. يا رب ارحم 

 

عيد ميلاد؟ أم حفل عرس العروس؟ 

بوركتَ شعب مصر 

وصَلَّيتَ كثيراً .. قدوسٌ .. قدوس 

من مأتمٍ لعرسٍ، ومن عرسٍ لمأتم 

كيريالايسون .. يا رب ارحم  

لعلنا في نهاية الزمن 

فما ضر أن يختلط السجن بالوطن 

أو أن يصير العرس موتا؟

فليخشع المضطهدون .. لا يرفعون صوتا 

المجد في الأعالي 

وعلي الأرض تهليلٌ ودم

هل الأرض تبالي 

بمن يضحك جهراً أو يجهش صمتا؟

عيدٌ سعيدٌ .. أم حزين؟

فليذكر الأحياء بعض محاسن الموتي 

قبل أن ينسوا فلا يتذكرون 

كيريالايسون.. يا رب ارحم   

 

موتى يجيئون وموتى يذهبون  

لا يعرفون مكاناً ينتهون له، أو وقتا

يسألون إلى أين؟ إلى متي؟ 

وكم كذب المُنَجِّمُونَ، وكم 

صَدَقَ المُنَجِّمُونَ، فَمَن تُصَدِّق أَنْتَ؟

وهل يجيب الموتى أسئلة الموتى؟

 

عيدٌ، بأية حالٍ عدتَ يا عيد؟ 

هل عدتَ لمن انتظروا 

مَنْ أَخْلَفَ المواعيد؟ 

أم لمن فرحوا وأنشدوا الأناشيد؟

أم لمن بكوا؟ وما جَدْوَى بُكائكِ الشديد 

تحت جنح الليل يا عروس؟ 

وقد تأجل العرس ولم يأتِ العريس 

قدوسٌ.. قدوس 

في مصر نبيذٌ لمن سكروا 

وغناءٌ لمن سهروا 

وبكاءٌ لشهيد 

 

عيدٌ حزينٌ . . أم سعيد؟

الرب واحدٌ، والعمر واحد 

لا تنقص الأيام بالأعياد، ولا تزيد

مراكب الشمس تكسرت 

فمن سيحملنا لما وراء الغيم 

لنحيا من جديد؟

جثثٌ .. جثث 

تدافعت لتدفن الإله في الهرم 

لعل ذات يومٍ يقال له قم 

فيقوم 

أجسادٌ تزاحمت تحت السفوح 

تكدست فوق القمم 

رأسٌ علي صدرٍ، قدمٌ علي قدم 

موتي يجيئون وموتي يذهبون

أسمع الأرض تدمدم  

هل هذه الأرض من لحمٍ ودم؟

 

من أغمد السكين 

في قلب أرض مصر؟ 

لم تطرحي يا أرض زيتوناً وتين 

ولا أتاك الربيع الطلق ضاحكاً يتبرج 

كيف تُبْهِج يا بَنَفْسَج 

وأنت زهرٌ حزين؟

كيف تظمأ يا بنفسج 

والنيل فاض من دمي 

فارتوت منه أحجارٌ في البساتين 

لم تبق رائحة الأماكن في الأماكن 

لا معابد القدماء تغوي باليقين، ولا المساكن 

أبقت لنا رحيق الراحلين 

 

جثثٌ .. جثث 

يا مصر كم يكفيكِ من هذي القرابين 

كيريا لايسون .. يا رب ارحم 

خذوا كلوا من لحم جسدي 

واشربوا .. هذا دمي 

لعله ينساب زيتاً في القناديل 

فيضيء فيكِ ماتعتم 

يامصر أهذه الأضواء عرسٌ .. أم مأتم؟

دمٌ في العيد منحدرٌ يسيل 

ليروي وَرْدكِ المطروح 

يا مصر هل عطش النخيل

فَسَقيْتِهِ من قلبكِ المذبوح؟  

ولقد رأيت الروح 

مرةً سجينةً، ومرةً تباع في مزاد 

ورأيت أجساداً علي أجساد 

وحداداً علي حداد

ما هذا السواد، هل قتلوا إيزيس؟ 

وانتزعوا من قلبها سُلافَة شَمْسها 

فَتَمَدَّدَت بِجِوار أوزوريس

لا أَنْقَذَتهُ، وَلا جَنَت الخَلاص لَنَفْسها 

دمٌ : هل سال من جسد العروس

زُفَّت بدون عريسها

فبأي دم

يقطر المنديل؟

 

قدوسٌ.. قدوس 

دع الموتي يعيشون ولو ساعةً أخري 

ما نفع أن تقام جنازةٌ كبري

أو يقرع ناقوس 

والموتي بساحات الكنائس يصرخون 

يا رب نَقْبَل ما سَتُنْزِل مِن أَلم 

وما سَتَمْنَح من رزايا 

وسَتُكْمِل الأرض الطقوس 

وتشيِّع ما سَيَتْبَع من ضحايا 

لا شباب ولا صبايا 

لا عريس ولا عروس 

ليس هذا ليل عرسكِ يا صبية 

إنها أنوار مأتم 

كيريا لايسون .. يارب إرحم 

 

هل نرفع الصلوات 

ملطخةً بدم المدائح 

يا مصر كم يكفيكِ من دمع التراتيل  

لتغسلي كفيكِ من هذي المذابح؟

هل سال مِنْ جَنْبَيْكِ في الليل الطويل 

دم المخاض؟ 

أم دم القتيل علي القتيل؟

 

يا مصر  نادَيتُ الصبايا 

بمواويل المحبة 

فبَكَينَ ، وَماأَسْعَفت دَمْعهُنَّ المَنادِيل 

بَكَينَ، ورددت الجرار الفارغات 

بأيديهن أصداء العويل 

عُدنَ مِن ضِفافهنَّ، لا تين ولا زيتون 

ولا ماء سلسبيل

فَعَطِشتُ يا مصر ولم 

أدَلّ علي السبيل 

مُتّ يا مصر كثيراً 

علي يديكِ 

ومُتّ كثيراً وأنا 

بعيدٌ عن يديكِ  

كما مات حمامٌ بغير عشٍ 

ولا هديل 

لا الموت كان حقاً علينا 

ولا الحياة لديكِ إِلّا

باطل الأباطيل 

تهتُ من أرضٍ لأرض 

من ربي سيناء للوادي 

لا نجم لي ولا دليل 

كدتُ لا أعرف ما أري 

ولا إلي أين أمضي 

وكأن أرضي لم تعد أرضي 

وكأنهم خطفوا بلادي 

واستقدموا بلداً غريباً كبديل 

لا أَنْتِ يا مِصْر مِصْر

ولا النهر هذا هو النيل. 

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم