(2)
ظل لأربعين ليلةٍ مستيقظاً، ولم ينتابه الإغماضُ سوى بانتهاء الصلاة.
أحكم يديه على العصا والكتاب القديم، وأعلن أن لديه طيوراً جديدة لم يفسدها الهواء.
أتى بها محلّقاً، وحين ثبت أقدامه في الأرض حطّها على يديه فلم تقرب مناقيرها الحب.
سكبت ألوانها على أظافره.. ومضت تغسلُ الهواء.
(3)
أتى المريدون يبتغون حنجرة، فلم يدلهم الحارسُ سوى عليه. كان يجاهدُ كي يثبت إحدى أسنانه الصناعية، وحين تأكد من ثبات موضعها.. أحضر مرآة وشرع في تلوينها.
حين أوغل المريدون في حضرته محدقين في جيبه.. لم يجدوا سوى أوراق اللعب.. ونافذةٍ مفتوحة، تنحني كلما مرت الريح.
(4)
رشه الأعداء بالماء.. فأطلق عليهم العصافير. كان المأفونُ يرشهم بالنار غير أنه أقنعه بالعدول عن الفكرة.
فقط.. كانت العصافيرُ تثبت أرجلها على رؤوسهم.. وهُم مغشياً عليهم.. يوجهون أجنحتهم الحادة المسننة للسماء.
(5)
تفتحت العصفورة أعلى الهامش، فلم يلحظها إلا عندما هوت يداهُ على المنصة. أدرك أن الماء لم يتوقف عن الهطول داخل النوافذ الملونة، وأن العصفورة ربما انكمشت في حضرته تطلب المعونة.
حين أصبح بإمكانه أن يبصرها، لم يمسكها بيديه، اكتفى برشها بقليل من المياه.. ثم رمى عليها خمس نيران خضراء.
(6)
أخفى خلفَ ظهره قصيدة، وخلفَ أسنانه عصفورتين، وخلفَ قميصه سماءً بها المزيدُ من الفراشات.
خرجت العرباتُ عن موضعها في الشريط الطويل، وتسلقت الهواءَ كي تُبلغ رأسه وتخصه بالتحية، غير أنه لم ينتبه إليها.
بمزيد من الكلام المنطوم المُنغم.. تعلم الغناء.. وصار بمقدرته أن يصنع من حنجرته جسداً من المطاط. لم تطأ أقدامُ الحيوانات أقفاصه.. ظلت تتعثر في سلم الطلوع العلوي ولا تقوى على العلو.
ثبت لكلٍ منها جناحين في جانبي جسده، وتركها أسيرةً للهواء القريب..