تجربة خاصة وجريئة للغاية تفتتح المغامرة بعبارة أوكتافيو باث :” الجسد عند المحبين فكر يفكر، والروح جسد قابل للّمس”، وتبدأ كل قصة باقتباس من أشعار إيروتيكية ترتبط بمعناها، بعضها للشاعرة المصرية السيريالية الشهيرة جويس منصور، وتنتهى المغامرة (12 قصة قصيرة) وقد جعلت قارئها فى تأمل مما قرأ، وفى دهشة من أبطال الحكايات الذين يكتشفون أنفسهم والآخر من خلال الجسد، ودوما يظل التواصل الجسدى تعبيرا عن فكرة ما : سائق هندى يذيب الفروق الطبقية مع أميرة خليجية، نحات كفيف يستلهم موهبته الضائعة مع راقصة محترفة، لقاء فى غابة مجهولة بين شاب وفتاة تعرّف عليها فى العالم الإفتراضى، فوضى العولمة وقد تحولت الى فوضى جسدية تتجاوز حتى عالم ما بعد الثورة الجنسية.
المرأة حاضرة فى الحلم وفى الواقع، والجسد لايرتبط فقط بالغريزة ولكنه متصل أيضا بالعواطف وبالخيال، الجانب الغريزى الحيوانى فى الإنسان يندمج مع مفاهيم معقدة ومركبة كالفن والحرية حتى كأن الجسد يفكر مثلما قال باث، لا نستطيع إنكار الجانب الحسى فى الإنسان، ولايمكننا أن نستوعب حدوده، نستطيع فقط وصفه وتأمله، وهذا ما فعلته “شامات الحسن” دون أن تلزم قارئها برأى، تركت له مساحة واسعة للإتفاق وللإختلاف، فتحت أمامه الباب ثم أعطته المفتاح، هى مجموعة تنحاز فقط الى أن الجانب الشهوانى فى الإنسان أعمق وأكثر تعقيدا مما نعرف أو نشاهد أو نقرأ عنه، وإذا لم تصدق فاقرأ وتأمل، وفرغلى كما عرفناه سارد بارع، ووصّاف مصوّر.
هل أبطال الحكايات أصبحوا أفضل عندما تحررت أجسادهم؟ لا نستطيع أن نجزم بذلك، بعضهم انتهى الى الموت، وبعضهم يطرح أسئلة معلقة، وكثيرون تألموا، وبعضهم اختلط لديه الحلم بالواقع، شخصيات أثقلت أجسادها أرواحها،طمستها وفرمتها، ونماذج أخرى تحررت من خلال الجسد .
يمكن أن تعتبر المجموعة حجرا كبيرا ألقى فى بحيرة متجمدة، وأحسب أن نجيب محفوظ ، الذى يظهر فى حلم إيروتيكى فى احدى القصص، كان سيندهش من جرأة كتابة الأحفاد، وهو الذى كانت أعماله مثارا للدهشة من جرأتها فى زمنه وعصره،
المعنى:لم يعد ممكنا للكاتب أن يسكت عما يسكت عنه الجميع.