صراع الطبقات فى عالم جوتشى

بيت غوتشي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد عبد الفتاح السرورى

جاء فيلم المخرج ريدلى سكوت الأخير (دار غوتشى) ليعيد مرة أخرى – ضمنياً – قضية الصراع الطبقى، فمع بداية الفيلم نجد أن الأب (رودولفو جوتشى) وهو الدور الذى لعبه الممثل المخضرم جيرمى أيرونز يستقبل الفتاة  باتريسا ريجيانى (لعبت دورها الفنانة التستعراضية ليدى جاجا فى دور ٍ يحسب لها أياً كان تقييم النقاد للفيلم ككل) التى أتت بصحبة أبنه ماوريتسيو جوتشى ( لعب دوره أدم درايفر) كى يُعّرفها عليه بعد أن قرر الإرتباط بها.

يقومُ الأب باستقبال الفتاة استقبالاً حسناً فى مقابلة ٍ لم تخل من حس الاختبار وكما هو متوقع ينبهُ – تنبيها يرقى إلى مرتبة التحذير – الأبُ أبنه إلى أن الفتاة لا تصلح للاقتران بوريث رئيسى لامبراطورية جوتشى ولكن وكما هو معتاد لا يأبه الفتى لاعتراض وتحذيرات  والده ويذهب فى مشهد ٍ مسرحى إلى والد حبيبته موضحاً له الموقف ككل ملتحقاً بالعمل عنده فى شركة النقل التى يمتلكها.

وبعد وفاة الأب يتبوأ الابن مكانه المتوقع  كمدير ٍ وكـ مالكٍ لنصف أسهم جوتشى مناصفة مع عمه ( آل باتشينو) وولده الذى برع الممثل جاريد ليتو فى القيام بدوره، ودون الدخول فى تفاصيل أحداث الفيلم  والصراعات الدائرة بين أفراد عائلة جوتشى فما يهمنا فى هذا المقام أن نلقى الضوء على تطور الحالة النفسية لبطل الفيلم حيث أنه قد تعرَّف على زوجته فى السبعينات وبعد مرور مايقرب من عشرين عاماً  قرر أن يتركها رغم أنها وقفت بجانبه بل وكانت سبباً أحياناً فى الحفاظ على سمعة واسم جوتشى إلا أن كل هذا لم يشفع لها عند جوتشى الابن وأقدمَ على خيانتها معلناً لها صراحة أنها لم تعد تصلح له وأنه لم يعد يحبها، مؤكداً بذلك رؤية الأب الاستباقية الثاقبة التى تنبأت بذلك قبل أن يحدث بعشربن عاماً، مرسخاً لفكرة أن النزوات لا عمر لها مهما طال أمدها.

فالابن لم يستطع أن يستمر فى علاقته مع الزوجة رغم وفائها فما كان من الزوجة إلا أن أقدمت على استئجار قاتل ٍ مأجور ٍ للانتقام من الزوج الغادر.. مع العلم أن الصراع لم يكن مادياً لأن جوتشى الابن أعلن أنه سوف يتكفل بكامل نفقات ابنته هذا غير أن الزوجة دفعت مبلغاً كبيراً من المال للقاتل مقابل ارتكاب جريمته.. مما يؤكد أن الدافع لكليهما لم يكن مالياً بل كان الدافع عند ماوريتسو جوتشى الابن هو أنه شعر فى دواخله ِ أن ابنة صاحب شركة النقل باتت لا تصلح زوجة لصاحب العلامة الأشهر فى عالم الموضة والأزياء فما كان من الزوجة إلا أن انتقمت لكرامتها بعملية قتل مأجورة أعانتها فى إتمام إجراءاتها إحدى العرافات ( لعبت دورها سلمى حايك) التى كانت تلجأ إليها تنفيساً عن مشاكلها وبحثاً عن مخرج ٍ لأزماتها.

الفيلم يؤكد أن قضية الصراع – والإحساس – الطبقى ربما يتأجل ظهورها ولكنها أبداً لا تموت.. وهذا ماحدث – نفسياً – مع جوتشى الابن فبعد أن تقدم به العمر وازداد نضجاً لم يستطع أن ينسى الفارق الطبقى الهائل بينهما – فليس الفارق فى حجم الثروة فهى فى الأساس ابنة لشخص ثرى – الأزمة التى داهمت نفسيته هى الفارق فى أصل المستوى الاجتماعى بينهما.

 قضية الصراع الطبقى هى إحدى قضايا سيناريو فيلم (دار جوتشى).. بل كانت السبب الرئيسى فى نهاية حياة  صاحب إحدى أشهر الماركات فى عالم الأزياء فحياته لم تنته بسبب صراع أو منافسة تجارية أو مالية بل قضى عليه لسبب آخر لا علاقة له بالصراع التجارى ولكن بالصراع النفسى فمن جانبه رفض الاستمرار ومن جانبها انتقمت لنفسها بسبب ذلك الرفض والتعالى الذى لم تكن تتوقعه.

 

مقالات من نفس القسم