شيمبانزى + شوارزنيجر = مصيبة!

چوش برولين
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد عبد الرحيم

فى إحدى حلقات البرنامج الأمريكى Jimmy Kimmel Live، حكى الممثل چوش برولين حكاية تبدو ظريفة، مثل كل ما يحكيه ضيوف هذا البرنامج الهزلى، لكنها فى الواقع أثارت فزعى، الحكاية أن والدته كانت تهوى اقتناء أنواع مختلفة من الحيوانات، ومن ضمن ما كانت تقتنيه شيمبانزى أعتادت أن تشاهد معه أفلام أرنولد شوارزنيجر ذات الأكشن الصاخب..

وفى يوم ما، أتى إلى المنزل نجار لإصلاح حظيرة الدجاج، وإذا به يفاجئ بأن الشيمبانزى يقف أمامه، ممسكًا بندقية، ويطلِّق عليه النيران، مبتسمًا فى سعادة !

ما حدث أن الشيمبانزى تمكّن من فتح باب قفصه، والخروج منه، والاستيلاء على بندقية من البيت، و – من واقع مشاهداته لأفلام شوارزنيجر – تعلّم كيف يحشو البندقية بالرصاص، وبعد قليل، بدأ فى الاستمتاع بإطلاق النيران تجاه الرجل!

فى الحكاية ما هو أبعد من ضحك على طرافة، أو اندهاش من مفارقة. فالحيوان شاهد الحركة فى الأفلام التى تعشقها سيدته، وقلّدها بدقة، وكم من مقلّدين حولنا لما يشاهدونه من أفعال وأقوال سلبية فى الأعمال الفنية؛ سواء صغار أو كبار، مرضى أو أسوياء، جهلاء أو متعلمين. أكيد ستتذكّر جملة بذيئة ردّدتها من تلك المسرحية، كى تثير ضحك من حولك، وقطعًا هناك من تعلّم فعلًا قبيحًا من ذلك الفيلم، كى يردع به من يكره.

نعم، هناك الكثير من غير اللائق، وغير الصائب، فى الأعمال الفنية؛ وذلك ببساطة لأنها تعبِّر عن الواقع، وعن شخصيات تعيش فيه، وتمارس هذه الأفاعيل. لكن – فى الوقت نفسه – لابد من إبراز أمرين غاية فى الأهمية..

الأول، هو إصرار العمل الفنى أحيانًا على وضع القيمة اللاأخلاقية فى برواز أنيق جدًا؛ عبر منحها الممثل الوسيم، أو الإطار الجذاب، أو الصورة الحالمة؛ حتى تحوّل الشرير إلى محبوب، والقذر إلى موضة، والمتدنى إلى فاتن.

يكمل الأمر الثانى ذلك؛ وأقصد إنهيار المُثُل فى المجتمع، لاسيما مع تردى التعليم، وغياب القدوة، وموت السمو. ساعتها، يختفى من المتلقى المصفاة التى يمر فيها العمل الفنى، وتتشوّه آلية الاختيار عنده، حتى لا يجد ما يقلّده، أو بالأحرى ما يتعلّم منه، سوى فى تلك الصور المعروضة عليه؛ فما بالكم لو كانت صورًا عنيفة، مخيفة، موضوعة فى إطار مبهج، ومبهر؟!

فى هذه الحالة، ستكون النتيجة هو ذلك المشهد الذى حكاه برولين؛ شيمبانزى يحشو بندقية، ليطلق نيرانها على نحو عشوائى، وهو فى قمة الاستمتاع. وهنا، لن يكون المُصاب ذلك النجار الذى جاء لإصلاح حظيرة الدجاج.. وإنما المجتمع كله.

 

مقالات من نفس القسم