عادل الصويفي
في شارع باستور ليلا،
تكون مخيرا
بين أن تسوخ حالما
في “زنقة الشياطين”،
وبين أن تعلو على عرشك كمجنون
في عزلة اللامكان الشاردة.
في مقهى زاكورة ليلا،
تجلس وحيدا كإله،
خرج من الميثولوجية
إلى الواقع، بلا ملامح
كالعدم.
على الطاولة كأس شاي بارد،
وكتاب، وأوراق مبعثرة،
على الجدران أربع لوحات،
يفكر الإله في ضوئها وظلالها وألوانها..كيف رسمت.
في شارع موسى بن نصير،
ثمة جيوش تحرس الليل
من بطش النهار،
دون أسلحة،
القائد الميداني يعبر
“زنقة زرياب” وهو يغني لغانية
تمشي في دلال قدامه،
يدخلان حانا في قلعة الأمير، ويسدل الستار.
في الصباح، يحصي القائد والأمير قتلاهما
من الأشباح الذين أتوهما
في الحلم.
في شارع فاس هذا المساء،
تلج مكتبة، تبحث عن ديوان
لشاعر منتحر،
تمسح المكان بنظرة سريعة
-فرلين يسارا درويش وأبو تمام وسطا
البياتي ومحمد السرغيني يمينا…-
لا وجود للشاعر المقصود،
تشتري قلما وصحيفة،
وتنصرف على أمل أن تجد
الشاعر المنتحر حيا
في حديقة،
يقرأ على نفسه وعلى الأموات
قصيدته الأخيرة.
في شارع الصنوبر المترع بروائح الحيوانات
برأس سبارطيل هذا الصباح،
كان هرقل يرسم فوق صخرة
صورة أطلس القتيل، ليذكر قراصنة
البحار والمحار ببطولاته، لكنه سرعان
ما كسر الصخرة بيديه القويتين،
وتأبط قوارير خضر
مكتوب عليها pastis 45% vol
منحني واحدة وركب البحر يتقفى
رائحة السندباد
ورفيقيه ليكون رابعهم…
في المساء وجدتني في مغارته
بلا حذاء وبلا ملابس، أكرع غيمة الذهول،
في سماء عيني طنجيس/ المرأة الغامضة.
في طنجة تركب الأحلام صهوة الواقع،
ويركب الواقع نفسه،
وتركب الأسطورة أجنحة الخيال الخالص،
والتاريخ بين الثلاثة منعطف دخان…!
وأنا بين الأربعة
في شوارع الحياة
غيمة شريدة، أو سارد سلا عن الحكاية،
أو شاعر
خبأ مشاعره
في قلب زهرة،
وتسلل من نفسه لواذا…
في طنجة
أركب الاحلام وأعيش الواقع بضلاله وظلاله،
أستدرج التاريخ إلى شرك الحقيقة،
وأسافر في قارب الأسطورة المحفوف
بالكائن والممكن،
وأنا بين الأربعة في شوارع الحياة
هباء
هباء
هباء
هباء.
…………..
شاعر من المغرب