د. مصطفى الضبع
محمد إبراهيم محمد يعقوب ، شاعر من المملكة العربية السعودية ، من مواليد منطقة جازان ( 1972) ، بكالوريوس كلية التربية تخصص الفيزياء 1994 م ، ماجستير الإدارة التربوية في مارس 2008 م ، تضعه أعماله وتجربته الشعرية في موقع يليق به من شعراء الألفية الثالثة ، حصل على العديد من الجوائز منها :
- جائزة نادي الشرقية الأدبي ( مرتين ) -جائزة نادي جازان الأدبي ( مرتين ) – جائزة نادي الطائف الأدبي – جائزة نادي تبوك الأدبي – جائزة نادي الباحة الأدبي – وصيف أمير الشعراء في برنامج أمير الشعراء الذي نظمته هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث في دولة الإمارات ( 2008 ) – جائزة أبها الثقافية فرع الشعر ( 2009 ) عن ديوانه الثالث ( جمر من مرّوا ) – جائزة جازان للتفوق والإبداع – فرع الشعر(2010 ) – جائزة راشد بن حميد – عجمان – الإمارات ( 2010 ) – جائزة راشد بن حميد – عجمان – الإمارات ( 2011 ) – جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب 2013 م عن مجموعته الشعرية الرابعة ( الأمر ليس كما تظنّ ) ، وتم التكريم في معرض الرياض الدولي للكتاب في مارس 2014 م .
- ترجم له في كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان أصوات جديدة من المملكة العربية السعودية ( new voices of Arabia – the poetry ) بإشراف الدكتور سعد البازعي ، الصادر عن دار ( المفردة ) .
صدر له أربعة دواوين شعرية :
- رهبة الظل – نادي جازان الأدبي 2001 م .
- تراتيل العزلة – نادي جازان الأدبي 2005 م .
- جمر من مرّوا – مؤسسة الانتشار العربي – بيروت 2010 م .
- الأمر ليس كما تظنّ – نادي جدة الثقافي الأدبي – 2013 م .
تحافظ تجربة الشاعر محمد إبراهيم يعقوب على العروض الخليلي مطورة أنظمة التعبير الشعري ، وهو ما يعني فيما يعنيه سلطة أقوى على اللغة في سياقاتها المتعددة في قصائد الديوان ، فسلطة الشاعر على ماهو موزون أقوى من سلطته على ماهو غير ذلك ، وما يبذله الشاعر من قدرات على التحكم في مواضع المفردات اللغوية بوصفها علامات شعرية أكبر بكثير مما يبذله في إنزال المفردات النثرية منازلها ووضعها في مواضعها الصحيحة من السياق من خلال حرصه على انتقاء ماهو مناسب للإيقاع الصوتي للقصيدة في حفاظها على العروض الخليلي .
إنها قدرات الشاعر على تطويع اللغة الشعرية و بحور الخليل لخدمة نص يتغيا تقديم رسالته وإنتاج دلالاته ، عبر جماليات تخص نصه وتنفرد برصد مساحات الموهبة الشعرية لدى الشاعر .
آلية الفك و آلية التجميع
تفرض تجربة الشاعر وقصائدها ومكوناتها عددا من القراءات التي من شأنها الكشف عن التجربة وتفاصيلها ومن هذه القراءات قراءتان تعتمدان طرائق متعددة ، وهما : آلية الفك وآلية التجميع ، تبدو الأولى قراءة منفصلة تقوم على نص واحد ، فيما تعتمد الثانية على الروابط بين النصوص وتتبع العلامات الشعرية المتسربة في النصوص .
في الأولى تقوم عملية التلقي على تفكيك طبقات النص وصولا إلى المعنى العميق وهي حركة رأسية تعتمد على نص واحد تتدرج عملية التلقي فيه من السطح إلى العمق حتى تصل إلى مبتغاها ، والآلية يمكن تطبيقها على نموذج نصي محدد تمثله قصيدة “الباب الخلفي للرخام ” :
“كذب السقاة
فللمدينة رهطها
والعمر ، باسم القوت ، يسرق جله ” ([1])
يمكن قراءة هذا المقطع عبر ثلاثة سياقات متداخلة تشبه البحث في طبقات الرمل بحثا عن الجوهرة :
- السياق الأول/ الطبقة الأولى، طبقة الديوان بوصفه قصيدة واحدة تتواشج تفاصيلها وصورها لإنتاج المعنى الكلي لديوان الشاعر .
- السياق الثاني / الطبقة الثانية في إطار القصيدة ذاتها وكيف تتواشج مع الديوان في قصائده المتعددة (28 قصيدة )و تفاصيله المتنوعة .
- السياق الثالث / الطبقة الثالثة في سياق المقطع الرابع عشر من القصيدة الثانية وتركيز البحث وصولا إلى الصورة الأكثر تركيزا / الحبة الدفينة في عمق القصيدة (والعمر ، باسم القوت ، يُسرق جله) الجملة – وفق تركيبها – تنقل المتلقي من زمن الماضي (كذب السقاة ) إلى زمن حاضر ، ذاتي (يسرق جله) وتضعنا أمام خلاصة التجربة كما يطرحها الشاعر : أن سعي الإنسان باسم متطلبات معيشته يستهلك عمره ( معمما الحالة وجاعلا منها قانونا حياتيا عبر بناء الفعل للمجهول (يسرق) ذلك الفعل الأساسي في بناء الصورة والذي يفتح من خلاله مجال توسيع دائرة الفاعل / السارق المجهول إلى حين ، حيث يكون لفعل المكاشفة القدرة على رد الإنسان لنفسه لاكتشاف القوانين المؤثرة في استهلاك الزمن .
وفي الثانية تقوم العملية على تجميع العلامات الشعرية في نظام عرضي يعمل على تجميع العلامات من النصوص المختلفة وفق عملية القراءة في قيامها على التوالي لقراءة النصوص المرتبة وفق ترتيب الشاعر لها في الديوان معتمدا نظاما داخليا للنصوص يتدرج من السطحي (الترتيب الزمني لكتابة القصائد) إلى العميق (العلامات الشعرية في تطورها ونمو فاعليتها ) .
وأولى هذه العلامات عناوين النصوص التي تترابط في مجموع بعضها تتواشج ثلاثة عناوين لثلاث قصائد متفرقة بين قصائد الديوان ، الأول “سوى اعترافك بي ” ، والثاني “عد من تجليك ” والثالث ” الأمر ليس كما تظن ” والجامع بينها ضمير الخطاب الذي يفترض ثلاثة عناصر أساسية : المرسل (المخاطِب) – الرسالة – المرسل إليه الضمني (المخاطَب) :
- الأب في القصيدة الأولى : وهو علامة تتعدد مظاهر حضورها في القصيدة : الإشارة الصريحة ( إرث من أبي)- يا سيدي (نداء يتكرر مرتين ) ، و العلامة بدورها تفضي إلى علامة خفية تبدو هناك في العمق يطرحها النص منذ مقطعه الأول ، أعني هذه الحروف الثلاثية التي تتردد في ثلاثة مقاطع من القصيدة :
“شغفي
بحرف الجيم ،
إرث من أبي
كم في الأبوة من ضلال طيب ” ([2])
“متواطئ والنون
أسرق من فمي
عنب الحكاية من غوي لم يسكب ” ([3]) .
“هاء الهوية
جينة ، ياسيدي
فاقرأ على ماء الجذور تسربي “([4])
تتواصل المقاطع عبر الحروف المشار إليها لتقدم قراءة منفصلة (لكل مقطع يمثل سياقا منفصلا يعتمد على الحرف بوصفه بؤرة للصورة) متصلة تتعاضد فيها الحروف لتكون صورة واحدة تنبني على مفردة واحدة يمكن للتأويل الاعتماد عليها لرصد التفاصيل (جنه ) تلك الممثلة لجذر لغوي يضم مجموعة من التفاصيل الخفية خفاء المعاني التي تطرحها المفردات وهي مجرد قراءة تحفيزية للربط بين المقاطع وطرح قراءات مختلفة لها ثراؤها .
- الشاعر المعاصر : محمد الثبيتي ([5]) في القصيدة الثانية (عد من تجليك)، إلى محمد الثبيتي حاضرا وغائبا ، والقصيدة موجهة إلى الشاعر الراحل يستهلها الشاعر بمقطع يعتمد ضمير الغائب ينطلق منه إلى النداء “سيد البيد”:
“ يأسو
على سيرة الأعصاب مصباح
وتبعث الحب في الأرواح
أرواح …..
يا سيد البيد …
قم ، في العمر متسع
واعبر أغانيك … (هم سوف ينزاح )” ([6])
والقصيدة حوارية مع الشاعر الراحل (الثبيتي ) ترصد عددا من أشكال العلاقة بينهما تلك التي تتبلور عبر تسعة مقاطع دالة تكشف عنها الأفعال الدالة على سمات الشاعر القادر على العطاء :
” واقرأ على الريح …
ما خبأت في دمنا
من التضاريس …إن الوجد دباح ” ([7])
- الذات في القصيدة الثالثة (الأمر ليس كما تظن ): تلك القصيدة الأشهر في الديوان لتصدر عنوانها الديوان نفسه ، طارحة خطابها المتجاوز غيرها من الخطابات ، ويمكن تأويل الخطاب بوصفه موجها للذات( وهو الأقرب ) كما يمكن تأويله بوصفه موجها للقارئ الضمني ( بوصفه صيغة خاصة لخطاب خاص يتفرد عن بقية الخطاب في الديوان بصيغة مباشرة للعلاقة الحوارية بين الشاعر ومتلقيه) .
آلية التجميع
وفيها يمكن للمتلقي قراءة العلامات الشعرية وفق حركتها في سياق القصائد ، وفي ديوان الشاعر تتعدد العلامات اللغوية الأكثر حضورا وتعبيرا عن معجم الشاعر ولغة الديوان ومنها : الرمل – الروح – الماء – الريح – العمر ، وتمثل المفردتان (الرمل – العمر) في مقدمة العلامات اللغوية الأكثر تكرارا، حيث عدد مرات تكرار “العمر” (18) ثماني عشرة مرة ، وعدد مرات تكرار الرمل(14) أربع عشرة مرة ، وهو ما يعني بداية مساحات التقارب والتشابه ، التقارب في المساحة الدلالية للعلامتين ، والتشابه بين العمر والرمل (وفق تصور قائم على التعدد والتأثير في إنتاج الدلالة ) .
شعرية الرمل
يمثل الرمل تيمة شعرية لها تميزها في تجربة الشاعر ، تفرض نظامها الجمالي والدلالي ، وقد مر الرمل وشعريته بمرحلتين أساسيتين :
- أولا : الرمل قديما : وفق معناه الحقيقي ذي الطبيعة البصرية ، حيث يمثل خلفية ومسرحا للطلل بوصفه عنصرا رمليا يعد أثرا من آثار الراحلين التاركين نوعين من الآثار :
- مؤقت : آثار الظاعنين في الرمال تلك التي تمحوها الرياح في زمن وجيز .
- دائم: آثار ديار الراحلين ومخلفاتهم .
وهو ما يدخل الرمل في صورة ثلاثية العناصر (الطلل – الرمل – الريح ) ، وهي صورة تكررت عند شعراء الجاهلية ، نراها عند عنترة بن شداد مكتملة العناصر الثلاثية :
لِمَن طَلَلٌ بِوادي الرَملِ بالي مَحَت آثارَهُ ريحُ الشَمالِ
- ثانيا : الرمل حديثا : وفق المعنى المجازي المتخيل ذي الطبيعة الذهنية .
التمثيل المعاصر أو الحديث يجسده الشاعر محمد إبراهيم يعقوب طارحا شعرية الرمل عبر طريقتين أساسيتين :
- أولاهما : مباشرة تعتمد على مفردة الرمل وما يشترك معها في الحقل الدلالي الواحد ، تتكرر مفردة “الرمل ” عبر القصائد متنوعة مواقعها الدلالية في سياق إنتاج المعنى : نحويا : مضاف إليه( سلطة الرمل – من بعيد الرمل ) – فاعل (مالم يقله الرمل – شفه الرمل- رأى الرمل) – مجرور (على الرمل البعيد حكايتي – خذ من الرمل) – مبتدأ (في راحتيك الرمل – الرمل أنت )– خبر (كتابك الرمل )، وهو ما يعني حركة الرمل بوصفه علامة شعرية قادرة على فرض سلطتها الدلالية تلك التي تجعل لليل مواقعه المتعددة ، ليس من بينها أن يكون مفعولا به إظهارا لسلطة يصرح بها الشاعر حين يشخص الرمل جاعلا له سلطته :
“في سلطة الرمل
انحياز
لم يكن للبحر بد
من فضاء أرحب !” ([8])
متجاوزا نظام القصيدة القديمة التي كانت تحصر الرمل في معناه المكاني بوصفه مسرحا للأحداث ، أو توظفه لبيان صفات النعومة في المرأة ، كما في قول الأعشى :
هِركَولَةٌ مِثلُ دِعصِ الرَملِ أَسفَلُها مَكسُوَّةٌ مِن جَمالِ الحُسنِ جِلبابا()
وهي صورة تكاد تكون الصورة الأكثر دورانا في الشعر العربي عبر عصوره المختلفة ([9]) تتلوها صورة الرمال التي لا تحصى عددا ومن ثم يكون توظيفها لبيان الكثرة فيما هو مقارن بها كما في قول الشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب (713 – 776 هـ / 1313 – 1374 م):
إذا نحْنُ أثْنَيْنا عليْكَ بمِدْحَةٍ فهيْهاتَ يُحْصى الرّمْلُ أو يُحْصَرُ القَطْرُ
والشاعر في العصر الحديث يعيد توظيف العلامة الشعرية مانحها القدر الكبر من الحيوية عبر التشخيص الذي يمهد له بواحدة من تجليات الرمل / البياض :
“سأمرر ..
الورق العتيق ، لربما
…
…
…
هذا البياض
يقول ، مالم أكتب !!” ( [10])
البياض = الرمل ، والنقاط السابقة للبياض تبدو (تخييليا ) حبات رمل تتناثر بانتظام يكافئ نظام القصيدة ، ويمنح المتلقي مساحات من التخييل عبورا بين صورتين فرعيتين يطرحهما المقطع السابق وتؤكد عليهما المقاطع التالية في قصائد أخرى تعمد إلى توظيف الرمل مستثمرا طاقاته الدلالية وصولا إلى حالة أكثر وضوحا من التصوير المجازي تتمثل في التشخيص الذي يطرحه العنوان المتصدر القصيدة السادسة من الديوان :
“مالم يقله الرمل
“لي حصة في الماء
لكن لا فم
ظمآن
والزمن العصي يتمتم ” ([11])
الشاعر يمثل الشعرية العربية الجديدة في تطور رؤيتها للرمل ، تلك الرؤية التي تتشكل وفق نصوص حديثة أبدعها شعراء وفي مقدمتهم :عبد الله البردوني ([12]) – محمود درويش ([13])- محمد الفايز([14]) – محمد الثبيتي ([15])،ويمثل الشاعر محمد إبراهيم يعقوب حلقة لها تميزها في سياق شعرية الرمل عبر طرحه الخاص ([16]).
- ثانيتهما : غير مباشرة (القراءة العرضية ) تعتمد على نظام الترميل أو النظام الثقافي للرمل – إن صح التعبير- وهي طريقة تتفرع إلى أشكال مختلفة ، وتلعب فيها المفردات دور الروابط التشعبية في انتقال متلقيها من صورة إلى أخرى حيث تبدو المفردة متكررة تطرح المعنى نفسه من خلال علاقة التشابه القائمة بين اللغة والرمل حبة الرمل تكون بمثابة المفردة التي تكتسب شعريتها من سياقها ووجودها مع غيرها ولا تكون شعريتها نابعة من فرديتها ، كذلك حبة الرمل التي لا تكون رملا بمفردها ، المفردة تكتسب شعريتها من الدخول في سياق و مفردة الرمل تكتسب رمليتها من الدخول في سياق مشابه ، حبات الرمل ظاهريا على البعد تتشابه ولكنها تحت الميكروسكوب تغادر تشابهها تماما كاللغة التي تبدو ظاهريا متشابهة مستجيبة لطبيعتها المنحصرة في عدد من الحروف المتكررة في مفردات اللغة ، إنها العنصر النووي في المفردة تماما كحبة الرمل التي تبدو عنصرا نوويا لما يتشكل من مجموعها .
العمر
على مدار قصائد الديوان تنجز المفردة نظامها الخاص عبر حركتها الحيوية في مواقعها المختارة من قبل الشاعر مسيطرا على تلك الحركة لإنتاج جماليات الصورة وخصوصيتها .
فيما يحيل الرمل متلقيه إلى المتخيل البصري ويفتح أفق التلقي إلى ماهو أبعد من الدائرة المرئية ، فإن مفردة العمر تحيل متلقيها إلى متخيل ذهني فاتحا أفق التوقع لما هو شديد الخصوصية للمتلقي (بما تطرحه المفردة عليه بتذكر عمره هو )، والمتخيل الذهني هنا يتشكل وفق حركة المفردة المؤسسة على مواقعها الأسلوبية على نحو دال : مبتدأ (تسع مرات) – مضاف إليه (خمس مرات) – مفعول به (مرتين)- مجرور بحرف الجر (مرة واحدة) – بدل (مرة واحدة ) .
وهو ما يمكن ترجمته بما يطرحه النص من إخبار عن العمر تعديدا لأطروحاته :
- ” والعمر نعبره وإن لم نقضه ” ([17]).
- ” العمر ترجمة لما سيجيء” ([18]).
- ” العمر …أجمله الذي نملكه” ([19]).
- ” والعمر إن لم نقتنصه .
فلا سبيل لوهبه ” ([20]).
وجميعها تعضد فكرة الأطروحات المتعددة الموسعة أفق التلقي عبر التساؤل عن طبيعة الأخبار المتعددة التي تحمل أحيانا طابع التنبيه والتحذير في صيغة جمالية إضافة إلى طاقتها التصويرية التي تنطلق من العمر بوصفه علامة زمنية تكاد تنفرد على مدار قصائد الديوان بهذه الطاقة الترميزية للزمن .
وعلى مستوى الصيغة ترد المفردة مرتين بصيغة النكرة وست عشرة مرة بصيغة المعرفة (أل العهدية أو التعريف بالإضافة ) تلك التي تجعل من المفردة تصورا مشتركا بين الشاعر والمتلقي أو بين النص والمتلقي بالأساس إذ لا يريد النص لمتلقيه ان ينحرف عن تصوره للمفردة وما تطرحه
في سياق تجربة الشاعر ليس بمقدورك أن تقف عند صورة أو تفصيلة منفصلة وإنما تكتمل عملية التلقي عبر رؤية تتضام فيها مجموعة من الصور التي تكون بمثابة الحبات الرملية اللامعة المنفصلة المتصلة في سياقها ، تلك الحبات التي تكشف عن نفسها تحت الضوء اللامع ، ضوء المتلقي المدرك طبيعة التجربة وملامح تميزها .
هوامش وإشارات :
[1] – محمد إبراهيم يعقوب : الأمر ليس كما تظن – – النادي الأدبي الثقافي – جدة 1434 هـ ص 27.
[2] – الأمر ليس كما تظن ص 13.
[3] – الأمر ليس كما تظن ص 15.
[4] – الأمر ليس كما تظن ص 17.
[5] – محمد الثبيتي (1952- 2011) شاعر سعودي من أبرز شعراء جيله له أربعة دواوين : عاشقة الزمن الوردي (1981) – تهجيت حلما تهجيت وهما (1983) – التضاريس (1986) – موقف الرمال موقف الجناس .
[6] – الأمر ليس كما تظن ص 109.
[7] – الأمر ليس كما تظن ص 109، والتضاريس إشارة إلى ديوان الشاعر محمد الثبيتي الثالث ( التضاريس).
[8] – محمد إبراهيم يعقوب : الأمر ليس كما تظن ص 18.
[9] – من ذلك قول الشاعر الخطيب الحصكفي (459 – 551 هـ / 1067 – 1156 م) (العصر الفاطمي ):
وفوقَ كَثيبِ الرملِ غُصنُ أراكَةٍ بسالِفَتَيْ رِيمِ الأراكةِ إذْ يعطو
- وقول الشاعر عَرقَلَةِ الكَلبِيّ (486 – 567 هـ / 1093 – 1171 م):
بَدَت بَدراً وَماجَت دِعصَ رَملٍ وَماسَت بانَةً وَشَدَت هَزارا
وقوله :
قَضيبُ بانٍ إِذا ما ماسَ مَيَّلَهُ دَعَصٌ مِنَ الرَملِ أَو صَوتٌ مِنَ الرَمَلِ
[10] – الأمر ليس كما تظن ص 20.
[11] – الأمر ليس كما تظن ص 53.
[12] – قصيدة “ترجمة رملية لأعراس الغبار” ويقول في مطلعها:
” غريبة يا طارئات مثلي شريدة مثلي ومثلك أهلي
منقادة مثلي لكل ريح رمل الفيافي أصلها وأصلي
لأنها رملية شبيهي أتى غباراً نسلها، ونسلي .
كما التقى مستنقع وقيح كانت تناجي زمرها وطبلي” .
– البردوني : ديوان عبد الله البردوني ، الأعمال الشعرية – الهيئة العامة للكتاب – صنعاء ط 1، 2002 جـ 2، ص 951.
[13] – ” قصيدة الرمل ” التي يقول في مطلعها :
“إنّه الرمل
مساحات من الأفكار و المرأة ،
فلنذهب مع الإيقاع حتى حتفنا
في البدء كان الشجر العالي نساء
كان ماء صاعدا . كان لغة .
هل تموت الأرض كالإنسان
هل يحملها الطائر شكلا للفراغ ؟
البدايات أنا
و النهايات أنا
و الرمل شكل و احتمال . “
- محمود درويش : الأعمال الأولى – رياض الريس – بيروت 2005 جـ 2 ص 274 ، والقصيدة من ديوان “أعراس ” الصادر 1977.
[14] – تكررت علامة الرمل في نتاجه ومنها قوله :
“أرى لافحات الرمل أمست حدائقًا
تُناسِمُ رُبّانًا وتحضنُ طارقًا
تحاشدَ فيها العطرُ حتى تقدمت“
[15] – قصيدته الأشهر “موقف الرمال موقف الجناس ” التي يقول في مطلعها :
– ” ضَمَّنِي،
ثُمَّ أَوقَفَنِي فِي الرِّمَالْ
ودَعَانِي:
بِمِيمٍ وحَاءٍ ومِيمٍ ودَالْ
واسْتَوى سَاطِعَاً فِي يَقِينِي،
وقَالْ:
أَنْتَ والنَّخْلُ فَرْعَانِ….”
[16] – تفتح رؤية الشعراء ومساحات حضور الرمل في القصيدة العربية ، تفتح المجال لدراسة ثقافة الرمل ، ونعني بها كل نشاط إنساني قائم على الرمل من حيث هو مكون من مكونات الطبيعة :” “الرمل مادة معدنية توجد في صور حبات غير متماسكة ، تنشأ من تجوية الصخور ، وتتكون أساسا من المرو أو الكوارتز ، وتوجد أكثر الرواسب الرملية اتساعا في الصحراوات وعلى الشواطئ . وتشمل استعمالات الرمل في صناعة قوالب الطوب و الأسمنت والزجاج والفخار ، كما يستعمل مادة ساحجة وفي ترشيح المياه وصناعة المفرقعات”- الموسوعة العربية الميسرة – المكتبة العصرية – بيروت 2010، المجلد الثالث ص 1657.
[17] – الأمر ليس كما تظن ص 71.
[18] – الأمر ليس كما تظن ص 87.
[19] – الأمر ليس كما تظن ص 93.
[20]– الأمر ليس كما تظن ص 119.