غمكين مراد
بجهلٍ تام واندهاشٍ دائم وبوجومٍ ماكِث، تجوبُني الرُّوح غريبةً عن كُنهها، وكعادةٍ واستقرارٍ وحنينٍ وانتظار، يأخُذُني القلبُ في كُلِّ الجهات كدليلٍ مُتعمِّقٍ في أوصالِ ووجهةِ الرُّوح، ثمَّةَ حالةٌ رهيبة تجتاحُني وتُغادِرُني وتُقيمُ فيَّ كُلُّها في آنٍّ واحدٍ، أحياناً كندمٍ وأخرى كنشوةٍ وأخرى كلُذةٍ، كُلُّها أيضاً في آنٍّ واحدٍ، تتأرجحُ بها الرُّوح والقلبُ سواء.
غريباً أعيشُ على أُرجوحتيهما: القلبُ والرُّوحُ، وكأيِّ مُفتٍّ أُفتي بِكُلِّ الأحاسيس المُنبعثةِ من كليهما، ضامَّاً نَفْسي كحلزونٍ في قوقعتيهما، لتجوبَ فيَّ حَربٌ بلغةِ الصمت والخيال، خيالٌ يأخُذُني منبعُهُ القلب، وخيالٌ يُعيدُني منبعُهُ الرُّوح، دائراً في الهواء المُحلَّقِ بيَّ في وطنٍ هو أنا نَفْسُهُ والغريبُ اللاجئُ نَفْسُهُ في آن.
قابلةً الرُّوحُ بِرباطِ القلب، نادِمةً الرُّوحُ ومتوجِعةٌ من رباط القلب، وساهيةٌ الرُّوحُ عن الذاكرةِ وعني في اختياراتِ القلب، كجلادٍ سيِّاطُ الرُّوحِ على نفسها وعليَّ من اختياراتِ القلب.
ثمَّةَ تلاقٍّ بينَ رُوحي وجَلدي لذاتي، تلاقٍّ أبديٍّ بين وجعينِ في وجعٍ، تتثاقلُ وتترنحُ تحتهما أنفاسي وتختنقُ، حتى وإن كانت المُسبباتُ في تلاقيهما هو الآجَّلُّ روحاً، وكُلُّ ذنبُها أنها أحبَّت الرُّوح التي فيَّ وتركتها شجونُ خياراتُ الضياعِ فيما تعيشهُ أو تلمَّ به كأنفاسِ حياة.
مُضيّاً بي إلى البقاء هكذا، لا هادئاً ولا مُستقراً كاملاً، لا توازنَ ولا خلل كاملاً، لا وجهة ولا ضياع كاملاً، وإنمّا توهانٌ في نعمٍ أو لا، وقوفٌ من لحظةٍ والتي تليها، وجعٌ من فُصحٍ وتستُرٍ، هكذا باقياً ومُمضيِّاً كالأرجوحةِ، وراء أمام، وجعٌ خلف ووجعٌ قدام، برُوحٍ وقلبٍ ناكريِّن مَسكني لهما.