رَﱡمو

ناظم علاوي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ناظم علاوي

رمو…
ربعَ قرن صار عمري الآن؛ ينبثق من أقصى ذلك القبو لغز محير وثقيل؛ ليغلف تراتيل الهَمسات بظلمة خانقة، وتلك الوشوشات المنبعثة من نسوة الحي عن غموضه المرتعش مثل يده، تلك الشفاه لعجائز الحيّ التي تكثر من التغامز والتنابز ولا يسلم منها أي عابر للحي ولا تخلو أبداً من علكة نبات الماي التي ترطبها وتكسيها لونا لماعا.
***
انغرس في قبوه، بين بيوتات محلتنا القديمة والمنفرشة مثل حبات العنب عند حافات شوارعها الإسفلتية الضيقة، المزدحمة والضاجة بصياح الأطفال والنسوة بعباءاتهن كأشباح تتراقص وهنّ ذاهبات وعائدات من وإلى سوق الخضار في منطقة (باب جديد) المجاور للحي، كان هذا يقرص ذاكرته التي لم تزل معتلة، وأنا مشطور كما الآخرين من وجوده الغريب واختفائه المفاجئ من دون أن يسأل عنه أحد.
***
مثل السحر أو كما الحكايات الخيالية، كان ظهوره في محلتنا – الغزلاني– من دون مقدمات متعارف عليها أو تعديلات، فمع تنفس الصبح سكن ذلك القبو تحت بيت – أم رافع– المواجه لمحلتنا، لم يره أحد وهو ينقل أثاثه وحاجياته -هكذا كان وجوده– مثل إشراقة الشمس، تخرج من دون بدايات، ليملأ فراغ القبو، ويعطي وجوده حقيقة لتلك الحكايات التي كان يقصها أبي علينا حتى ننام، بأنه أحد الجان والذي اتخذ من شقوق جدرانه مخابئ له، ببابه الخشبي المتصّدع والمطمور أكثر من نصفه تحت مستوى الرصيف، المغلق دائماً – لم أره مفتوحا طيلة حياتي– حتى بعد أن سكنه رَمُّو، هكذا اعتاد الناس في محلتنا أن ينادوه، ولا أحد يدري لماذا اختار هذه الحروف لتكون اسماً له؟ أو لماذا تعكّز على شفرات لسانه به؟ عندما سأله مختار محلتنا عن اسمه، وما الذي جاء به هنا، وأين هي عائلته؟ أجابه بصوت ضعيف ومتعب بأن اسمه (رَمُّو) ولم يكلف نفسه عناء الرد على السؤال الثاني، ولاذ بصمت واغرورقت عيناه بدموع بقيت محبوسة، ومضى إلى قبوه يسحب جسده الصغير المستتر بجلباب صوفي متهرئ وممزق حتى أن خيوطه قد بانت مثل أنسجة جسد متفسخ، عاد وهو يسحب ساقيه الضعيفتين المكتسيتين بسروال عريض ينتفخ جيبه الأيمن -دائما– بأرغفة الخبز التي تهبها له نسوة محلتنا شفقة وعطفا فيأخذها ويدسّها في ذلك الجيب مثل شيء ثمين يخاف أن يراه أو يسرقه أحد، فيشكرهن بإيمائة خجلة من رأسه وحركة لشفتيه أقرب ما تكون لابتسامة من كلمة شكر ولتتحرك تجاعيد شفتيه باديا من خلالها ذلك الناب المصفر الذي يستخدمه ليقطع به الخبز.
كان دائما يخبئ في قميصه الصوفي (الخاكي) اللون، بأزراره الكبيرة كيس تبغه الرديء – كنا نهرب من عفونة رائحته الكريهة– كل صباح وقبل أن تستيقظ المحلة من رقدتها البريئة كان يجلس بهدوء بين باب قبوه وتلك النافذة الصغيرة الملاصقة للرصيف والمحمية بتقاطع مربع لقضبان حديدية هي المنفذ الوحيد للعالم العلوي وقد (سدها) بعلبة صفيح وسخة كأنه يريد وهو داخل عزلته أن لا يرى ولا يسمع أي شيء في انزواء مر وأليم فرضه على نفسه.
يشبك يديه خلف ظهره ويقلب تأوهات صدره نافثاً دخان سيجارته الملتصقة بشفتيه على الدوام مثل غيوم ترسم تأوهات وهمية عندما ينقل قدميه الصغيرتين على درجات سلّمه الخمس التي تتوسط القبو، فتنفرش على جانبيه مساحة واسعة وعريضة، انفرش في نصفه الأيمن فراشه المهلهل يومئ بأسى واضح لحدود جسده الصغير، وكيس وسادته المحشوة بقماش وبقايا صوف التقطه من براميل الأوساخ، وقريبا منه تبعثرت أواني طعامه مثل محارات فارغة؛ وتلك الأقداح البلاستيكية الخاصة بلبن بقرته، هي ثروته التي يخاف ويحرص عليها، وسلوته الوحيدة لما تبقى من مواسم العمر المهين ومن ماضيه المندس في ذاكرته، احتلت البقرة الجانب الأيسر من القبو تلوك طعامها الذي يحضره لها، وبجوراها يستقر (السطل) المعدني الكبير تبدو عليه أثار حليب متيبس ومنساح على جوانبه، وعلى بعد مسافة قريبة منه بدت مدفأة علاء الدين النفطية وقد تساقط صبغها فبدت بقع جوزية اللون تلطخ بعضها بلبن جاف على بدنه وقاعدتها المستقرة على قوائمها الثلاث، لتبدو كلوحة سريالية تكمل وقار المكان.
***
قبل مدة طويلة وبالتحديد في أحد صباحات شباط عام 1991م تجمّدَت عقارب الساعة على العاشرة والربع صباحاً عندما نزف الوقت بصاروخ أحدث ثقوب في جسد البلوى التي ألَمَّت بالمدينة، تلك القطعة الحديدية من نار وظلم انطلقت من طائرة (شبح أمريكية) صاخبة لتغير حركة النهار إلى رقدة كريهة، فانطفأت تحت ظلمة هذه الغيمة الثقيلة أحلام وآمال عريضة، ولتزرع في الحيّ كله ذكرى لحظات استحالت إلى جماد حفرت في أتون عقله البريء غصة مثل جرح لا يمحى أبداً، وسيظل منتصبا أمام مرآهُ مثل سهم توغّل وانغرز في ذاكرته، لم يعرف ما الذي حدث!؟
فقد اعتاد أن يستيقظ وزوجته مع آذان الفجر لتنضج خبزها وتعدّه في تنورها الطيني ليهيئوا مائدة إفطارهم من لبن بقرتهم في صباح مشرق جميل، فيوقظ أبناءه الثلاثة وحفيديه الصغيرين ثم يجتمعون بألفة وسكينة حول مائدة الطعام (الطابورية) الخشبية المدورة؛ العامرة بالحب، وبعد انتهائهم يتركهم كالمعتاد موشما على خد حفيديه قُبلة، تختصر حنانا ملؤها طيبة أرضه وبيته السعيد، وعند باب الدار تعطيه زوجته رغيف خبزها الحار يَدسُّه في جيبه ويودعها بابتسامة وحب، مصطحبا بقرته الى الفسحة الخضراء المجاورة للحي في (وادي العين) وهي تتبعه برشقة ماء من طاستها النحاسية، تلاحق أثره متضرعة إلى الله أن يعود سالما.
وقف بعد عودته قبل المغيب والشمس المنكسرة تحاول الاختفاء في غياهب الأفق تلم ضياءها الخجول بسواد ليل ذليل، والحي يموج بحركات سريعة ومرتبكة لساكنيه، وهي تتسابق لتزيل في محاولة بائسة حطام بيوتاتها، وذكرياتها ومسامراتها عن أجزاء من أجساد الناس التي تهدمت فوقهم دورهم وبقيت منطرحة تحت أنقاض حجارتها وكأنها لا تريد أن تنفصل عنها!
فانتشرت مثل وباء في غفلة عن أمان الناس الأبرياء وعن حراس الوطن رائحة الموت، الموت الذي يأخذ أفراحنا وبهجة مسراتنا، الموت سرطان محشور حد العظم في صحيفة أيامنا، عندما يأتي في غير موعده، الموت درس يمر سريعا ويغيب، ليمتلىء الحي برائحة الشواء، رائحة التراب، رائحة الغدر، رائحة البراءة الموؤدة.
تجمَّد مكانه ممسكا بقرته من خطامها يُحدق بعينيه الصغيرتين المكذبتين ما تراه.
كل شئ حوله يستنطق كبرياءه وحنانه، بقيت عيناه تحدق علها ترى أحداً من عائلته: زوجته، أولاده، أحد أحفاده، وهو يرى هذا البيت الذي بناه بصبر كبير وجَبَل عَرَقَ دقائق ساعاته وأيامه مع إسمنته ورمله، بعدها أقام دعائمه على محبة وألفة، ليكون مكانا آمنا ومستقرا لعائلته، وهو يؤسس خلوده فيه؛ أصبح كومة تراب وقبرا وئدت فيه أحلامه وسعادته، تجمّد، فتجمّدت دموعه وسحناته الوديعة.
ظلّ واقفًا والوقت غير الوقت، والزمان أصبح غير الزمان، فمن يعيد ترتيب الأيام والذكريات؟ والمدامع لا تكفي لهذا القدر من الأحزان والألم، ألم مرّ وقاتل، ومَن سَتُقبَل هاتين الشفتين التي دبَّ فيهما اليباس؟ وعلى من سيتكئ ليتقي وجع السنين والأيام؟ زَفَر صدره آهات كحمم من نار وهو يسمع صوت جاره يقول: ها هو العم رمو وبقرته، هو الناجي الوحيد من عائلته.
حدَّق بعينيه الجامدتين باحثاً عن الحقيقة في ما يراه، حاول أبناء محلته أن يبعدوه لكنه مثل صخرة علقت حدَّ فجيعتها بالأرض بقي واقفاً كأزميل عتيق، هَدَّه التعب وماتت الابتسامات والضحكات في فمه بينما تنسكب الدموع وتنساح على خدّه المأكول والمجعد، وعلى أوداجه المنتفخة ظلما وبؤساً حتى أنبلج نور صبح خجول ليوم قميء فتحرك مستديراً، ومضى وكأنه لا يريد أن يصدق ما يراه، ابتعد يجرجر ما تبقى من جسده تاركاً روحه، سعادته، وأحلامه المقبورة مع بيته المهدم – لم يلتفت أبداً– مثل لمعة برق أومَضت ثمّ تلاشى عن حيّه في (وادي العين) من دون أن ينتبه أحد لذلك.
بعد أن أخرج الأهالي وفرق الإسعاف جثث عائلته بحثوا عنه ليودّعهم ويلقي عليهم النظرة الأخيرة لكنه كان قد اختفى، ولم يعثر عليه، وأكد جاره أنه رآه يقترب من أنقاض بيته ليحمل رقعة رقم الدار وقطعة خشب كتلك التي يستخدمها الخطاطون – لم يستطع أن يستوضح عبارتها– وقبضة تراب من بيته ضمّهما بقوة الى صدره، ومنذ ذلك اليوم المشؤوم مضى ومعه بقرته ولم نعد نراه هنا أبداً.
كان يخيل لأهالي الحيّ بين فترة وأخرى العم رمو يقف الوقفة نفسها، محدوب الظهر مع بقرته أمام أنقاض بيته، دموعه مثل سياط تجلد روحه وتحرق قلبه قبل خده، لائذاً ومذبوحاً بصمت مرّ.

(2)

أصبحت محلتنا تستيقظ على صوته الأنثوي الرفيع، وهو ينتقل بين بيوتاتها صباحاً بمشيته البطيئة والمنكسرة؛ ليعطي كل عائلة ما طلبته من لبن، ونظراته تتفرع في كل الاتجاهات، وكأنه يخشى من شيء ما! وهو ينادي بصوت متعب ومنخفض: لبن، لبن، وبعد أن تنفد أقداح لبنه، يجلس عند آخر بيت من محلتنا، ليمسح وجهه الحزين بذيل كوفيته التي أصبحت بديلاً عن شعره المتساقط، وذهب بياضها وانطلى بصفرة مريبة، يظل ساعة، وربما أكثر في مكانه لا يكلم أحداً، ولا يحاول أحد أن يقتحم خلوته، وإذا ما مرّ من أمامه أحد وسلم عليه أو خاطبه يحدجه بنظرة منكسرة قلقة، من دون أن يتفوه بكلمة، يبقى جالساً ليتسلم طاسات لبنه الفخارية بعد أن تفرغ من لبنها.
عندما كنت صغيراً تشاجرت كثيراً مع أخي من أجل الحصول على أقداح اللبن، كانت والدتي تعطيني الأقداح بعد انتهائنا من وجبة الفطور حتى أرجعها، وأشكره بصوت متقطع وخائف، عله يجيبني بكلمة لأرى شفتيه المجعدتين كيف تتحركان من دون أن يسحب سيجارته منهما؟ ليخرج صوته الذي أصبح مثار سخرية وضحكات النساء وهن يجلسن عند عتبة دار بيت (البك) يضحكن ويتغامزن بغنج عفوي ساذج، ما أن تذكره إحداهن بأنه عنين وليس فحلاً! وإلا ما معنى بقائه من دون زوجة؟ وأن قوة الصوت تدل على فحولة الرجل، فكنت أسترق السمع من تلك التجمعات حتى أدمنت ذاك الفضول لمعرفة سرّه.
حاولت مراراً أن أفك الطلسم في عقلي الصغير لكن من دون جدوى، وبعد أن يتأكد من جمع كل أقداحه ينهض بتثاقل فيخرج كيساً من الصوف، ويبدأ أحد طقوسه اليومية باحثاً عن بقايا طعامنا في براميل الأوساخ ليأخذها إلى بقرته، وما أن يلج قبوه حتى يشرخ سكون المكان خوارها فينفض أمامها ما التقطه من طعام ويمسّد على ظهرها بألفة وحنان، قبل الظهر بساعة تقريبا يخرج ليجلس على صخرة حلان مستكينة بين القبو ونافذته وهو يَلفُّ سيجارته، وعيناه تعبثان بالأمكنة باستفهام بليد، يبقى جالساً بجمود مريب مثل نصب أثري لولا حركة عينيه، ودخان سيجارته المنبعث من منخريه، منذ صغري كنت شغوفاً لفك سر تفرده، واستفهام مغزى غربته وكثيراً ما اختلقت العديد من الأسباب للاقتراب منه ومحادثته.

(3)

الآن وبعد تجاوزي ربع قرن من عمري، مضى ما كان من وهج الخوف الطفولي نحوه، ومن خارطة محلتنا نرسم ملامح أحلامه وأحلامنا، ومن برق رؤيا أفكاري عنه تسلقت جدار صمته ممنيا نفسي باقتحام عزلته، محمياً بنضوج عقلي من جنون تلك الحكايات عنه، لعلي أنساب مثل جريان ماء إلى خيام عالمه الغارق بالصمت والترقب.
في ليلة ما توزعت مثل قناديل نجمات السماء، وغازلتها نسمات الهواء الندي، كنت عائدا إلى المنزل بعد جلسة مسامرة في بيت أحد الأصدقاء، توقفت عند قبوه، فهاجمت أنفي رائحة بقرته تكسر هدأة الليل ولمع في عيني من ثقب في بابه ضوء مصباحه الزيتي، وقفتُ ولجّة القرار تعترك في رأسي، هل أدخل؟ فانتفضت من نسيجها أذناي لتنساق إليها مثل شعاع أصوات مبهمة جريحة تصلها من عمق ذلك القبو، مددّت رأسي في محاولة لأستوضح تلك الولولات الأليمة التي شرخت سكون الليل، وعبثت في عقلي الضاج بفضوله، ولاستكشاف صدق تلك الحكايات عنه، وبحركة لا إرادية انحنيت لأضع عيني في ذلك الثقب، ولأروي عطش سنيني وألغي تلك الاستفهامات المتأزمة في ذاتي لحل رموز وحدته، تجولت عيني في حدود دائرية غير منتظمة هي إطار ذلك الثقب؛ البقرة على بطنها مضطجعة تجتّر طعامها، أقداح لبنه وأواني طعامه الوسخة مبعثرة من غير انتظام، كيس تبغه ملقى على فراشه الرث، كنت أحاول تقليد مكبر الصورة، لكني أوشكت ان أكون عاجزا عن الإمساك بتفاصيله المضمحلة أمام فضولي الذي حجمّه ذلك الثقب، حدّقت بإمعان أكثر، ساعدني ضوء مصباحه ومصدر الصوت في رؤيته، ها هو يقف بجلبابه السميك وكوفيته المصفرة مواجها الحائط وظهره ناحية الباب، يتمايل مترنحا بوجع أظهره صوته العالي، لينتشر ضوء مصباحه الزيتيّ على الحائط، وينعكس من قطعة رقم الدار المثبتة بمسمار أكل الصدأ رأسه وقد احترقت أرقامها، استدار برأسه شمالا شاهدت عندها قطعة خشب معلقة بجوارها، توهجت ألوان حروفها المحفورة عليها، لثمها بشفتيه فامتزجت دموعه مع ألوانها وأنفاسه المقهورة بعجز بائس، أبعد رأسه عنها فاجتاحها ضوء مصباحه الضعيف، ولتنخس قلبي قبل عيني تلك الحروف المشكلة بخط جميل وأنا أقرا (ارحمهم يا رب) فازداد صراخه واضطربت أنفاسه حتى أصابه الإعياء فسقط مثل جثة ألقيت من علو على الأرض، فخمدت حركته، واستقر على فراشه في استسلام كريه وبقيت آثار دموعه تسيل على خده المجعد.
انسحبت مذهولا عائدا إلى منزلي، وقد طاشت في رأسي تساؤلات كثيرة وفضول.
***
كان كل يوم بعد صلاة الظهر يختفي من محلتنا إلى قبيل أذان المغرب، فيعود وبيده قبضة من تراب، عرفنا فيما بعد حكايته تلك من مختار محلتنا فأشفقنا عليه وألفنا وجوده واحترمنا طقوسه واعتدنا وجوده بيننا.
في أحد الأيام لم يخرج من قبوه ولم يعط لبنا لأحد، اختفى من المحلة، ركض الرجال والنساء إلى قبوه كسروا الباب وحاولوا إخراج بقرته وهي تقاومهم وتمانع الخروج، فقد اختفى رمو وظل ركنه، أجدبا مُمحِلا وكأن اليباس غلفه، اختفى وبقيت رائحته مثل صورة من الأحلام، اختفى ولم يعد، بحثنا عنه في كل مكان، أختفى
وضاعت معه أقاويل وظنون، اختفى وتلاشت معه الأحاديث والهمسات، أختفى مثل موجة ريح عصفت في هزيم مهدد بالاحتمالات فبقي قبوه بارداً وهزيلاً، وكثرت عنه الشائعات والتقوّلات وتردّدت مثل أغنية مألوفة وحزينة، توسلنا أن يعود، في لحظة لم ندرك حدودها اغتال الزمن مرّة أخرى مسراتنا وسرور أجراسنا الجميلة وذلك التآلف، ذهب ولم يعد، وبقي قبوه كما تركه، لكن الشيء الغريب في كل ذلك أننا دائماً كنا نرى أمام بقرته بقايا طعامنا وأقداح لبنها كاملة!

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون