رقصة الروح 

ART
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فرانسوا باسيلي 
صرت وحيداً 

قعيداً 
في غرفةٍ تحاصرني الجدران

قدمي تخذلني

نسيت الرقص الذي تعلمته 

في ساحة زهرة البستان 

مع البنات والصبيان 

ورفرفة القلب الذي 

أرهقته المحبة

وهدهدته الأحزان

قلت للروح فلترقصي بدلاً مني

المدينة الآن سجني 

وأنا المسجون والسجان

يصدم الجدار رؤيتي 

فأعلق ما مضي وما بقي من الزمان 

مرايا علي الحيطان 

أري بها ما يري وما لا يري 

صرت سجين المكان 

إذن سأفر من زمنٍ إلي زمان 

أستنفر الأولين والآخرين 

وأكتب تعويذةً 

في سياق الأقدمين 

عني 

عن الإنسان والإله 

عن الحق الذي أراه 

ولا أراه 

ولا أري سواه

..

رأيت فيما تري الروح السجينة 

الأرض جائعة للمزيد من الأكفان 

والبلاد في الشرق والغرب 

علي مدي البصر 

مدافن الرحمن

وأنا في آخر أيام الهوان 

أعلنت الحرب راقداً 

هامداً ممدداً 

لا أري عدوي 

ولا صديقي 

ولا قائد الفرسان 

وأنا منذ البدء

في حربٍ لا أعرف سبباً لها 

لعلها 

كلٌ من كلٍ أو جزءٌ من جزء

أو خطأ

أو خطةٌ

أو عدوان 

لعلني منذ أن طلعت شمسي 

في حربٍ يائسةٍ، بائسةٍ 

علي نفسي 

فمن المنتصر 

من المنهزم الآن؟

صرت وحيداً 

قعيداً 

في زمنٍ لا فرق فيه 

بين عابد الرب وعابد الأوثان 

بين قائدٍ وقواد 

شيء كأنه الموت 

أو الحياة يقرع بابي 

سألت من أنت؟ 

قال أنا أول حرفٍ في الكلمة 

وآخر ضوء في العتمة 

زائدٌ بلا مزيدٍ وناقصٌ بلا نقصان 

أنا الطاعون، قال، أنا الطوفان 

قابض روح المدينة

أنا الدين والديان

وأنا

آخر

الإنسان. 

رحت أدفع الكابوس عني،

أسأل قلبي 

أستلهم الوهم والوحي والمتنبي

والخيل والليل والبيداء تعرفني 

والشعراء والأنبياء تعرفني 

أستنطق الصخر والزهر والأرض 

أضربها وتضربني 

لعلني أتطهر من درني 

لعلني أكون أنا منقذي ومخلصي 

أتلوي روحاً عالقةً بين المكان والمكان 
بلا مكان 

لذا محوت ما قرأت 

من رسائل الغفران 

وعلقت صفحاتها البيضاء 

مرايا علي الجدران

لأري ما تسكبه نفسي 

من محبةٍ حزينة 

تسيل دمعاً ودماً 

في شوارع المدينة 

فأري ما يري وما لا يري

وأري ما ليس في الحسبان 

أري حبيبتي 

مسجاةً 

علي مائدة الرب الرحيم 

كأورشليم 

تتناهشها الذئاب والكلاب 

وأنا أحببتها كما هي 

عارية بلا غلالة 

ولا رسالة 

ولا كتاب  

وحملت حلمها  

أطوف به الأرض الخراب 

أسأل هل لدي أحدكم كتاب 

لا يحمل الموت إلي حبيبتي؟ 

إلي مدينتي؟

هل لدي أحدكم كتاب 

لا يطلق الوحوش ينهشون القافلة 

التي أقبلت من بلاد شهرزاد 

تحمل العروس لي 

علي هودجٍ كأنه يتدلي من عل 

فأمد لها يدي 

وأزوجها نفسي وجسدي 

وأخطفها بعيداً 

عن الأرض اللعينة 

والدم السائل منذ البدء، والضغينة 

ما نفع كتبٍ لا تحكي سوي الخرافة 

ولا تبكي سوي من ماتوا 

من القبيلة 

ومن عاشوا من القبيلة 

وكأن الأرض ما عليها سوانا 

وكأننا خير أمة 

والشعب المختار 

المسربل وحده بالفضيلة 

ليتني من أمةٍ بلا كتاب 

ولا رسالة 

ليتني جئت من السحاب 

لا إرث، ولا جنس 

لا سر ولا طقس 

ولا سراب مقدس 

ولا سلالة. 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project