رقة القطرة الباهرة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

هاني عفيفي

ولدت كما ولدتم جميعا، منعدمة الجنس. فهذا الصنف من الحياد والذي نولد به جميعا ما هو إلا طور اعتيادى وطبيعى جدا كالعذراء قبل أن تطيرها الأيام فراشة ناضجة أو بالأحرى هو أحد الخطوط الرئيسة في حيواتنا التى تنهيها الشيخوخة بعد تحالفها مع طور اللا جنس هذا، فلو كنت أعي وقتها بأن هذه الزفرة فرصتى الوحيدة والأخيرة لأخذ حقى من أنوثتى التى ولدت بها لما كنت تركتها مجانا بجوار تلك الشرفة.

لم ألحظ ذلك سوى بعد أن أصبحت تلك الليلة محض ذكرى طويت بعناية شديدة أسفل ركام عشرات السنين التي تهدم بعضها أسفل دقات أقدام أبنائى، والبعض الاخر من جراء قهر عابر لتعيد نظرة هامشية من ابنتى الكبرى بسطت تلك اللحظة. فقد ظل موقع في خشب الشرفة يتعرق من يومها من جراء تلك النظرة المريعة التي سلطتها عليه ممهدة بها جسدى لتميل الأنوثة الطوافة بى لإستقرار الموتى تماما كذرة فقدت إلكترون مدارها الأخير النشط .

من السطحية اعتبارها ليلة القرارات المتضاربة فلا تضارب فى أن يقنع كل منا بما كان يصبو إليه فهو لم يكن يطمح في أكثر من بلة لريقه من مياه وصمت داخل جسدى ليتخذ قراره بمطاردة زفرتى كالدرويش السابح، وقنعت أنا بكل ما حاولوا أن يضعوا منه فلكاً أدور فيه بأن لوثته بى ستأرق كل شيئ حولى، و قد أكون قهرت قهرا حتى اطلقه من روحى بهذه الوحشية.

كان قلبه يترنم بموسيقى حروف اسمى تاركا لسانه يراقص كل حرف منها علي حدى، ولكن لم تستطع أى من تلك النغمات أن تجد ذلك الثقب الذي يتمكن من النفاذ منه مفتاح لقلب أبى ولا أن تعتد عيون أى من أخوتىأن يراقص أحد الحروف بكل تلك الرشاقة ربما ذلك لعيوب في سيقانهم التي اعتادت الالتواء أسفل سنبك المال، وأشياء أخرى لا أعلم إلى أى مدى جرفوا بسببها ولم يفارق أى منهم مربع الحياد .

للنور شأن آخر مع قطرات المياه فقوس قزح هو تفاعل عنصرى الحياة مع بعضهما إلا إن القطيرات الدائرية كزفرتى يسلك الضوء مسلك مختلف داخلها لكنه أقر فيما علمت بأن هذه القطرة قد أضاءت له بصخب نارى ليلة كان فيها نصف رجل، فكل من تدب قدميه علي تلك الأرض يحتاج مكمل لعواطفه التى في حاجة لأن تبرز، فالتضاد بين المتحابين يبرز ميلهم الجنسى ويوضحه بل يخرج كل منا من حالة حياديته الجنسية تلك .

فكانت قطرتى الباهرة بمثابة صك تنازل منى عن نصف حياتى التى سعى هو من أجل أن يحفظ حياته بنصفى المطلق الصراح، ليتركنى جسدا  كل مهمته أن يكون نموذج للبيولوجيا في الإنسان حتى تلتهمني الشيخوخة المتحالفة مع الحياد .


مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون