في أي وقت يعتريها طارئ = أو تحتويها معدة الفجواتِ
فتؤول من عجب البناء لكتلة = حمراء من لهب ومن جمراتِ
في كل وقت قد أهد مسامعي = خبرُ السقوط ومقتلٌ لمئاتِ
وصعدت فيها مجبرا فكأنني = قد سقت من أمن إلى كرباتِ
وصعدتُ أمشي والمئات توزّعت = بمراتبٍ تصطفُّ في عشراتِ
وسمعتُ صوتا قد أصكّ دويّه = أفق المطار وطال كالعبواتِ
وجرت بنا والصوتُ ينأى خاويا = من سيرها , وتطير في قنواتِ
تجري ويحملها الهواء طوابقا = فوق الأثير بسرعة وثباتِ
ورأيتُ من علو السماء غمائما = بيضاء مثل لآلئٍ وهباتِ
تعلو بقاماتٍ كأنّ مدادها = مثل الجبال وحشدها كغزاةِ
طبقاتها تجري كأنّ مسيرها = كالسابقات لمرتعٍ وفراتِ
قد ساقها ربُّ العباد تفضلاٍ = من دون منٍّ أو دعاء تقاةِ
بين الغمائم حلّقتْ وتوغلتْ = فينا كسهمٍ مسرع الخطواتِ
تهتزّ فينا والقلوبُ هواجسٌ = فكأنّ نفسي مسرح الأمواتِ
فوق المحيط ترنّحتْ وتمايلتْ = كسفينةٍ تطوي العباب لآتي
كم فيك يا ماء المحيط عجائب = وخلائق من أروع الآياتِ
من كوسجٍ لطحالبٍ لسحالفٍ = لدقائقٍ في مهجة الظلماتِ
وعبرتُ بحراً سطحهُ كصفائحٍ = بيضاءَ تشرقُ كالضحى بفلاةِ
ما حالُ جسمي لو توقّف سيرُها = فوق المحيط وفجوة العثراتِ
روحي تنازعُ للبقاء وترتجي = أنْ لا تؤولَ إلى الرّدى ورفاتِ
فتوهّجت فيها لممسك سيرها = الضارعات لمأمنٍ ونجاةِ
فدعوتُ ربّي كالغريق يطوفُهُ = مستنقع الأوحالِ والحفراتِ
عجبي لعبدٍ في السماء ويستقي = خمرا ويحبو كالدمى لسقاةِ
والروحُ فيه من المكائن مربطٌ = قد جسّدتْهُ إلى الفنا ووفاةِ
وجلست ساعات لساني ناطق = رطب بذكْرك مكثرِ الصلواتِ
يا ممسك الطير المعلق في السما = يا واهبَ الآلاء والحسناتِ
يا مُجري الرّيح الحمولِ بثقلها = يا ساتر العثرات والنّزواتِ
أمننْ لعبدك بالوصول سلامة = وادفعْ بلطفك جفلة الفزعاتِ
وأعدْ ذراعه حاضنا لعياله = وافتح ْعليهِ مسلك البركاتِ
سبحان من وهب العقول مذللا = فيها العلوم ومنطق الكلماتِ
لولاك ما طارتْ ولا هبطتْ بنا = الطائراتُ وما سعت بعلاةِ
اللهُ وفـّر ما يؤمّن صنعها = ونجاتها من ظلمة الأزماتِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر عراقي يقيم في نيويورك
خاص الكتابة