“ذات للشاعرات”.. الطريق الأقصر والأجمل بين المتلقي وقصيدة النثر

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

قبل سبعة أشهر بدأت الفكرة. فكرت الشاعرة المصرية عبير عبد العزيز أن تجمع الشاعرات المصريات في جماعة واحدة، تتجاوز عمل التجمعات التقليدية، لفكرة أوسع وأرحب. اختارت لها اسم "ذات". ثم التقين في تجمعات شعرية مختلفة، تداخل فيها الشعر مع الموسيقى مع الفن التشكيلي، مع استخدام العرائس الشعبية.

قبل سبعة أشهر بدأت الفكرة. فكرت الشاعرة المصرية عبير عبد العزيز أن تجمع الشاعرات المصريات في جماعة واحدة، تتجاوز عمل التجمعات التقليدية، لفكرة أوسع وأرحب. اختارت لها اسم “ذات”. ثم التقين في تجمعات شعرية مختلفة، تداخل فيها الشعر مع الموسيقى مع الفن التشكيلي، مع استخدام العرائس الشعبية.

بعد سبعة أشهر، تطورت فكرة عبير كثيراً، فبمساعدة الشاعرة المصرية هبة عصام تحولت القصائد إلى مقاطع فيديو، تمتزج بلوحات الفنان السويدي ماتيس أدولفسون. ومع بداية شهر رمضان أعلنت “ذات” على صحفتها على فيس بوك أنها ستقدم كل أحد وأربعاء، قبل الإفطار، قصيدة جديدة لشاعرة من الجماعة أو من خارجها.

اختيار ماتيس على وجه التحديد، كما تقول عبير عبد العزيز، كان لأسباب عديدة، منها أنه “فنان يهتم في إسكتشاته بتفاصيل كثيرة غنية ومتنوعة، وكل تفصيلة يرسمها برؤية فنية خاصة، فليس كل فنان يصلح أن يتماس مع الشعر”.

بعد اختيار اللوحات، يقع العبء الأكبر على هبة عصام، التي تقوم بإخراج الحلقات، واختيار تقاطع النص مع اللوحة. تحكي هبة أنهم أرسلوا لماتيس يستأذنونه في استخدام ثماني لوحات من أعماله، تتوافق مع نصوص ثماني شاعرات ستستخدم نصوصهن في هذه التجربة.

تصف هبة عصام، صديقة عمرها عبير عبد العزيز دائماَ بأنها خلاقة، وأنها شجرة خير ومحبة، وتضيف “كانت فكرة استخدام لوحات ماتياس بالذات مع الشعر هي فكرة عبير، وأنا قمت بتقطيع اللوحة الواحدة لأجزاء تتماس مع إلقاء الشاعرة لنصها، قبل أن تظهر في نهاية الفيديو كلوحة كاملة، وجعلت تتابع اللوحات يتماشي مع صوت الشاعرة، يعني أعددت اللوحة، وقمت بعمل إخراج فني لها”.

عبير تشير دائماً في حديثها إلى الجهد الكبير الذي بذلته هبة، تقول إن إن البعض لا يعرف مدي المجهود المبذول لتحقيق تلك الأحلام، فالمتلقي في النهاية سيشاهد مقطع فيديو مدته دقيقة وعدة ثوان، لكن وراء هذه المدة القصيرة جداً جهد كبير مبذول امتد لساعات، إذ نحتاج إلى وقت للإعداد من تحديد النص للشاعرة وهذا يتطلب قراءة جيدة للشاعرة ثم اختيار اللوحة المناسبة، وتضيف “ثم يبدأ جهد غير عادي في تقطيع اللوحة مع كل بيت وضبطهما بشكل فني، وأنا أشكر الشاعرة هبة عصام لأنها هي التي تخرج النصوص فنياً بشكل غاية في الدقة والجمال والجهد وأتمنى أن يصل هذا الجهد للمتلقي”.

ولا تخفي عبير رغبتها في أن تقدم هذه التجربة بشكل يومي في رمضان، بدلاً من تقديمها لمدة يومين كل أسبوع، لكن تقول: “الجهد المبذول كبير جداً، ويستهلك وقتاً ضخماً”، لكنها لا تخفي أملها في أن يكبر ويتحقق هذا الحلم في السنوات القادمة.

تبدأ التجربة الرمضانية لذات، بشاعرة من خارج المجموعة، ثم شاعرة من داخل المجموعة، “لأننا ـ وفقاً لعبيرـ نفضل تقديم شاعرات لم نقترب من أعمالهن من قبل للتنوع، وستأتي عروض لن تكون عضوات ذات موجودات فيها، بل شاعرات من خارج المجموعة”.

وجزء من الفكرة، بحسب هبة، أن يكون الشعر موجوداً مع الناس في رمضان، وتوضح “عندما كلمنا الشاعرات رحبن بالمشاركة وتحمسن وتفاعلن معنا، وقمن بتسجيل القصائد المناسبة للوحات بأصواتهن، وإرسال ملفات الصوت إلينا”.

تحضر عبير لعرض جديد بعد العيد ترفض الإفصاح عن تفاصيله ـ سيكون مفاجأة بحسب قولها ـ وتضيف “لم نرد أن نبتعد عن مشوار تجربتنا في علاقتها بما نريد تحقيقه، ففكرنا في عرض أحد أفكارنا عن تداخل الشعر وتماسه مع الرسوم في نص تستطيع أن تشاهده بعيون إسكتش فنان كما تستطيع أن تشاهد وتتعرف على ذلك الفنان وتلك اللوحة بأبيات وروح القصيدة، وهذا من أهم أهدافنا وهو تقريب الشعر وخاصة قصيدة النثر بطرق مبتكرة للجمهور الخاص أولاً ثم العادي، بالإضافة لوجود 4 شاعرات جديدات معنا، وبهذا الشكل نوسع دائرة التجارب الشعرية التي نقربها من أفكار ذات للشاعرات”.

أول شاعرة قدمتها ذات في تجربة “قصيدة في لوحة” هي الشاعرة المصرية المغتربة رنا التونسي، عبر نص “الوحدة”، والذي تتضافر فيه مشاعر الغربة والوحدة، ما بين إلقاء عذب موحِ، وموسيقى تكمل صمت الشاعرة، ونص موجع، ولوحة تبدو الوحدة واضحة في تفاصيلها الكثيرة.

في مقطع الفيديو الثالث من تجربة “لوحة في قصيدة”، والذي تضمن قصيدة “الصور” للشاعرة المصرية غادة نبيل تنضج التجربة أكثر، فالقصيدة التي تتحدث عن الصور مع إلقاء مفعم بالشجن من الشاعرة، تتقاطع مع قصاصات الصورة التي اختارتها هبة عصام، قبل أن تكتمل في نهاية المقطع مع نهاية القصيدة، فتبدو كأنها اكتمال الصور واكتمال للقصيدة واكتمال للوحة، واكتمال للحالة الشعورية التي يسعى الفيديو إلى توصيلها للمتلقي.

تطرح فيديوهات ذات فكرة جديدة، وهي خلق آلية جديدة للتواصل بين المتلقي وقصيدة النثر، وربما تنهي عصراً كان ينظر فيه إلى قصيدة النثر باعتبارها للقراءة فقط. تهدم ذات في الفيديوهات التي قدمتها هذه الفكرة، وتعيد تقديمها بالصوت والصورة، لتحل اللوحة المقترنة بالفيديو محل القافية أو الوزن، وتعيد الشعر إلى صورته الأولى حين كان يقال في الأسواق ويعلق على الكعبة ليقرأه الناس، لكن هذه المرة في صورة أحدث مواكبة للعصر ومستخدمة تقنياته، لتساهم في خلق ذائقة جديدة لدى المتلقي وتحفزه وتقربه أكثر من قصيدة النثر.

قامت هبة بتنفيذ ثماني حلقات لثماني شاعرات هن “غادة نبيل وزهرة يسري وغادة خليفة ورنا التونسي وهبة عصام ومها شهاب وناهد السيد وعبير عبد العزيز”، أربع شاعرات منهن من خارج جماعة ذات، وشاعرتان منهن مغتربتان، لكن مشاركة هبة تتجاوز فكرة إخراج مقاطع الفيديو لدور آخر أكبر, إذ أنها من المؤسسات في ذات، وشاركت عبير الفكرة منذ ولادتها مروراً بخطوات تنفيذها وبكل فاعلياتها السابقة، وتوضح “مشاركتي داعمة لفكرة ذات كحركة مهتمة بالشعر، التجربة بدأت أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي من حوالي سبعة أشهر، قدمنا فيهم أربع تجارب، وفي نوفمبر القادم سيكون هناك الملتقى الثاني خارج القاهرة”.

تتذكر عبير شهر نوفمبر الماضي، لحظة انطلاق المنتدى وتحكي “الملتقى الأول وتجربة دوم وتطورها البسيط في تجربة كتب خان ما هي إلا نقاط أولي للإعلان عن فكرة كانت تشغلني لسنين طويلة”.

عبير تبدو مهتمة دائماً بمشكلة تراجع الاهتمام بالشعر، لذا تحاول حتى في كتابتها تقديم أفكار مختلفة لتقديم الشعر، فمرة قدمت ديوانها “مشنقة في فيلم كارتون” مصحوباً بلوحات من فيلم، ومرة قدمت ديوانها “عندما قابلت حجازي” مصحوباً بلوحات لفنان الكاريكاتير الكبير الراحل حجازي، بل قدمت نفس الديوان في معرض للفن التشكيلي، مقدماً على لوحات قماشية مصوباً بلوحات حجازي، وفي ديوانها الأخير “بيننا سمكة” مصحوباً بلوحات للفنان سمير عبد الغني، وهو ما يبدو واضحاً معه اهتمام عبير بالعلاقة ما بين الفنون من جهة، والعلاقة بين الشعر والتشكيل من جهة أخرى، وتوضح عبير فكرتها قائلة “أنا مهمومة بتراجع الشعر، في علاقته بالمتلقي وكنت أحث عن حلول جديدة حتي على مستوي تقديمي لكتبي” وتبدو متفائلة وهي تضيف “من أول شغل ذات قبل الإفطار سيبدأ مشوار تطور الأفكار بشكل فني”، وترى عبير أنهم ما زالوا في البداية، لأن أحلامها ـ حسب قولها ـ كبيرة ومتنوعة للمشروع وللشعر ، وتقول “نحن نتعامل مع أي نص لشاعرة كأنه نص خاص بي، ونهتم بكل التفاصيل بحيادية كبيرة، لأننا نهتم بالشعر وكل فن نقدمه معنا”.

يعني اسم “ذات” الكثير لعبير، وتحكي عن سبب اختياره، بأن ذات هي “ذات كل شاعرة كما تظهر في شعرها وتجربتها الخاصة، وذات اسم لذات الشعر التي نبحث عنها جميعاً كشعراء ونفتقدها، وهو اسم انثوي والمشروع يضم شاعرات”، وتقول: “اسم أحببته وتفاءلت به، وبه طاقة إيجابية واسعة وغير محددة بمعني ضيق ومحصور”. تصمت قليلاً ثم تضيف “الاسم ما هو إلا مفتاح لباب على طريق طويل”.

بعد سبعة أشهر من بداية التجربة، بعد عدد من الفعاليات في محافظات مصر المختلفة، ترفض هبة الحكم على ما قدمنه حتى الآن “من الصعب القول ماذا حققت ذات حتى الآن، لأننا لا زلنا في مراحل التجريب، وما زالت هناك مفاجآت كثيرة ستكون محل تجربة”. عبير أيضاً ترفض الإجابة على السؤال، فقط تكتفي بابتسامة كبيرة، وعيون معلقة بالغد والأمل.

 

لزيارة صفحة “ذات للشاعرات” على فيس بوك اضغط هنا

 

لمشاهدة الفيديو الأول

اضغط هنا

لمشاهدة الفيديو الثاني

اضغط هنا

 

واقرأ أيضاً:

ذات للشاعرات.. ملف خاص

 

مقالات من نفس القسم