حسن عبد الموجود كشخصية روائية، يجب أن نتذكر ذلك، له أب عنيف، تعامل معه طول الوقت على أنه كارثة أصابته أو مصيبة آتته دون أن يقترف ذنباً، ولأن الأب يؤمن بذلك، عامل الابن بقسوة. هذه تفصيلة مهمة لا يجب أن يذكرها الروائي في روايته، هي إحدى المعلومات التي لا يصح تقديمها للقاريء مباشرةً، الشطارة تكمن في الاحتفاظ بها ورسم بقية تفاصيل الشخصية عليها. كشخصية روائية، ستمر مراهقة حسن عبد الموجود كأنها فترات نضج، مثلاً: لن يقيم علاقة مع الجنس الآخر، ولو أحب بنت الجيران سيكون ذلك في طي الكتمان. هنا سيكون الدافع للكتابة كبيراً، وسيكون اللجوء للأدب مبرراً. سيلاحظ المحيطون به موهبةً في كتابة الشعر، سيسميها هو خواطر، فيكلفونه بكتابة خطابات إلى فتياتهم، وستكون هذه الخطابات فتحاً لطريق، ومعروفاً لن ينسوه أبداً لصديقهم الكاتب. ستحب الفتيات صاحب الخطابات دون أن يعرفن أنه هذا الصبي النحيف المتواري، وستفشل مع مرور الوقت علاقاتهن بأصحابه عندما يكتشفن أنهن أحببن شخصاً آخر غير الجالس بجوارهن. وسيحتفظ حسن بسر أصحابه، لكنه سينتج الحكاية في إطار قصصي، مغيراً بعض التفاصيل. وكشخصية روائية شاهدت في مراهقتها فترة التسعينيات، سينضم عبد الموجود لجماعة إسلامية، لتتشكل بذلك ملامح بطل مهزوم. أوضح: كثير من هذه التفاصيل يمكن أن يستغنى عنها الروائي، أو ينبغي أن يلعب لعبة زمنية، فلو صارت الرواية عمودية سيكون ذلك قتلاً للفن، أقصد الفن الروائي، فالفن السيري يلتزم بهذه الأحداث ويهتم بالتسلسل الزمني.
يصلح حسن عبد الموجود أن يكون بطلاً ما بعد حداثي، أقصد حسن عبد الموجود كشخصية روائية. وسيكون تبني موقف المهزوم، الضائع، أكثر جاذبية من المنتصر الذي يعرف هدفه ويحققه. سيساعد على ذلك مظهره الفسيولوجي: النحافة، الملامح الطيبة التي لا تخلو تماماً من شر، العين التي تنتظر الفرصة لتقتنص نصراً زائفاً للبرهنة، لنفسه أولاً، أن بوسعه أن يوجه لكمة لأحد. الوسامة ستلعب دوراً أيضاً، فامكانية أن تتعاطف مع وسيم أكبر من احتمالية التعاطف مع قبيح، إلا لو كنت كروائي تنوي خلق شخصية درامية لأبعد مدى، وهو ما لا يتفق مع شخصية حسن عبد الموجود. بالإضافة للبناء الفسيولوجي والأحداث، سيكون التركيز على نفسية الشخصية الروائية، نظرته للعالم، حساسيته من أشياء ومعاركه من أجل أشياء أخرى. ستكون معاركه المحكية سلسلة من الخسائر، حتى ما يظنه انتصاراً سيعرف لاحقاً أنه ليس إلا هزيمة مؤجلة. سيخلق كل هذا شخصية مضطربة، متوترة، مصابة بأرق ليلي وقلق مرضي، وتردد قد يضيع آلاف الفرص بسبب التأخر في القرار والخوف من اتخاذه. شخصية بهذه التركيبة ستتميز بالحكمة والكلام السريع في نفس الوقت، بالحيطة والخوف على مشاعر الآخرين، باعتناق أفكار عن شر العالم والمؤامرات التي تحاك فيه، لكن دون إظهار ذلك إلا في ساعات السُكْر. كشخصية روائية، يصلح حسن عبد الموجود أن يعمل في أعمال لا تحتك بالجمهور مباشرةً، لأن ذلك يزيد توتره. يفضل أن يعمل في مكتب، في ورشة، في معمل. على أية حال، كشخصية روائية، سيحاول تجنب الوحدة، رغم أنه في النهائية، ربما اختياراً أو اضطراراً، سيموت وحيداً. ليس حسناً بالطبع أن تُختم الرواية بموته، الأفضل أن تكون تلك هواجسه التي كلما هرب منها زادت وتضخمت.
ربما تختلف الشخصية الواقعية، في النهاية، عن الشخصية الروائية. لا يهم. فأنا أحد الذين لا يؤمنون بصورتنا عن أنفسنا، بقدر ما أؤمن بأننا نحمل بداخلنا مئات الشخصيات والتناقضات. على أية حال، حسن عبد الموجود كشخصية واقعية يتسامح مع أخطاء العالم، وهي الصفة التي أعرفها وأعمل على بقائها في حسن عبد الموجود كشخصية روائية J