هدوء الحزن أفتقده كثيرا … الحزن الصاخب يؤلمني ولا أحتمله ويكون لزاما عليّ أن انام نصف شهر كي أتخلص من أزيزه في رأسي .
الحزن الصامت يتعايش معي وأحتمله .
لكنه ثقيل على قلبي .. تتجمع في رأسي حيل البهجة لكني لا أجد رغبة في شيء .. سوى التلوين .. أشتري خمسين لونا من الشمع والخشب وافتح كراسة تلوين جديدة .. كنت قد دسستها وسط شوار العروس الذي كنت أشتريه طيلة العام الماضي . الآن يمكنني أن اهدأ وأفتح الصناديق واخرج ما يحلو لي لأستخدمه .
كراسة التلوين هي ما ألحت علي، لدرجة أني عرفت مكانها بمجرد ان نظرت لأكوام الأشياء المكدسة فوق بعضها بفوضى مقيته .
أجلس بها على الأرض وابدأ في صبغ الرمادي بألواني .. وأتذكر بسبب ذلك الطقس لمقاومة الحزن .. كل أحزاني السابقة التي تخلصت منها بالطريقة ذاتها .
ابتسم بسخرية كيف لطريقتي للتخلص من الألم أن تصبح نقطة يتجمع عندها كل ما أوجعني !
لكني أكمل دائرة التلوين، رائحة الشتاء، وفوضى العالم من حولي، وسخافة وعبثية المشهد السياسي الوقح.
وأنوار التحرير التي تشبه ليله صلاة مباركة .
مناقشاتي القليلة مع بعض المقربين حول “اختفاء الخاتم الذهبي”، طلب صديق ألا أتحدث عن الأمر على الملأ، وطلب هبة الا أكتب عنه .
وسؤال ياسمين لي في برنامجها الإذاعي على الهواء .. هل تفشي الكتابة أسرارك !
وبؤس النساء في العالم !
كلها أشياء تجعلني أفتح الورقة البيضاء وأغلقها عشر مرات قبل أن أكتب حرفا جديدا ، لكني خوفي من الكتابة يحرضني على الكتابة .
وفقدي للأشياء يضيء لي كنوزي .
الحزن الذي علمتني الحياة إنه يتبدد .. والأصدقاء الذين يرسمون على روحي ابتسامات محبة .. وأبي الذي أختفي في حضنه بلا ذرة قلق واحدة .. وكتابتي التي تحملني لأمس السحاب الأبيض الذي أحبه .. وقلبي الذي يعدني بالمزيد من الفرح والمعجزات .
أطبق يدي على كل ذلك وأمضي .