حكاية مخبأة بعناية

art
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

آية الله الحسيني

“من الأفضل أن تفضي لشخص ما..”

يحدثني عقلي باستمرار، أكتب رسالة نصية لصديقتي ثم أمحوها قبل الإرسال، أفكر مرارا، ليس الأمر سراً، ولكنه ليس حدثًا من المهم معرفته لدى الآخرين، لماذا علىّ أن أحكي؟

علىّ أن أفكر للوصول إلى جذر الشعور بالرغبة في البوح، أذكر في طفولتي كنت لا أكتم سرًا عن أمي، مهما كان رد فعلها قاسيا على ما أقول، كان هناك هذا الاعتقاد الشائع أو لنقل الطفولي بأن ما تكتمه هو أمر خاطئ تخجل من أن ينكشف.

إذاً فأنا أريد أن استمد مشروعية ما أفعل، أحتاج هذه الموافقة، هذا التأكيد على ما أفعله، حتى ان كان من خلال عيون لا تعبأ بي.

تمتلئ معدتي بشبع غير مفهوم، شبع السعادة التي عشتها بقرار واع، ويدغدغ عقلي هرمون ما لا أعرف اسمه، لكني لم أشعر به منذ زمن بعيد، وتبدو الطيور حرة في السماء أكثر من أي وقت مضى.

في قرارة قلبي أعلم أن للبوح عواقب وخيمة أبسطها الندم، أنه لا أحد سيمنحني تأكيدًا ما، ليست هناك بطولة في اقتناص ما ليس لي، ولو ليوم واحد، ولو لبرهة.

بالإضافة إلى لعنة الحكاية نفسها، المحكي عنهم راحلون بلا شك، كأنما تصنع الحكاية فائض احتمال، وتحل المرارة محل حلو المذاق، ولكن ربما يخفف التوبيخ من تأنيب ما أشعر به، بأن يشعرني أني إذا احتملت اللوم أكون قد كفرت عن ذنبي المزعوم لي عيونهم.

“بالطبع ليس هناك ذنب.. يا بنت الهبلة..”

يطالعني شبح أمي التي تزم شفيتها في اعتراض، تشاهد كل ما أفعل من عل، وتقول: “كل هذا من أجل قطعة كعك زائدة على نصيبك؟ بالهنا والشفا على قلبك ياما..”

ابتسم، أغلق جميع المحادثات وأغلق الهاتف أيضاً، أتكور على نفسي هانئة.

أقول: “نعم نعم، قطعة كعك ليست لي، معك حق، بلاش حساسية، لست بحاجة لأن أخبر أحداً، لتبقى مخبأة في قلبي للأبد، ومذاقها يملأ فمي، رزق من الرزاق. “

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

المدفأة