حكاية عبد الغني

مهر الصبا الواقف هناك
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حسين عبد العليم

ولد عبد الغني في القرية البعيدة. في صباه كانت أمه تقول: عبد الغني ناصح. وكان أبوه يقول: عبد الغني سو. عبد الغني ابن حرام.

* * *

في مطلع شباب عبد الغني رأى البنت صباح، أعجبته وأراد الزواج منها، في عصر ليلة الدخلة أتاه ربيع عبد الله وعبده على يوسف، ولكي تشتعل جيدا يا ولد خذ هذه الزجاجة، نصف أقة زبيب أوزو، اشربها كلها مرة واحدة، وخش على عروسك صباح وتمتع.

شرب عبد الغني، انقبضت عضلات وجهه ورقبته من طعم الزبيب، وبعد قليل طن رأسه واتسعت عيناه وشعر بالدوخة

و (طرش) على اللحاف الجديد وانحل جسده وشعر باقتراب الموت.

انخضت صباح وبكت خوفا عليه وفكرت أنه عیان وسوف يموت.

في الصباح صحا عبد الغني فوجد صباح مازالت تبکی وعلم أن أولاد الأبالسة عملو فيه “مقلب”.

خرجت صباح إلى بيت أبيها وأخبرته بالحكاية فقال :

۔ عبد الغني من أولها هلس، وجمع اخوته وأبناء عمه وتكاثروا على عبد الغني وجعلوه يطلقها.

ثقلت ذقن عبد الغني وأتاه الطلب في الجيش وجندوه في فرق الأمن .

أكل عبد الغني من الجراية واليمك، وتمرن عبد الغني على ضرب النار، وعندما أعطوه أول أجازة كان يسير في شوارع مصر يتباهى بنفسه، وذهب إلى سید عطوه زميله في الجيش في حجرته ببولاق الدكرور، أكل عبد الغني معه وشرب الشاي ودخن السجائر. وخرج عبد الغني ودماغه تلف، هذا مقامك يا ولد، تعيش في بولاق الدكرور في حجرة مبلطة وتاكل أكل البنادر و تشم رائحة التقلية تفوح من الشقق ساعة الظهر، وتقعد على القهوة تشرب الشاي و تتفرج على النسوان الحلوة.

* * *

بعد مشاجرات مع أبوه وخاله تحصل عبد الغني على خمسين جنيها خلو الحجرة وخمستاشر ایجار.

شعر عبد الغني بالنزاهة والحياة في مصر يا ولد شيء مختلف: البيوت تشعر فيها بالبرودة والراحة والنظافة، والناس خلاف ناس البلد.

وصمم عبد الغنى في نفسه على أنه لن يرجع أبدا للقرية البعيدة، وسوف يعيش باقي حياته في مصر :

۔ بقيت مصراوي، مصر شدتنی

تعرف عبد الغني على جاره سلامة بخيت مبيض المحارة وعلى زوجته فاطمة. وكان عبد الغني يذهب عندهم يأكل الطبيخ ويبر نفسه و ينظر إلى فاطمة ويتحسر :

– آه لو كانت مراتي أنا !؟

وسلامة بخيت سعيد لأنه يصاحب واحد في الأمن.

***

تشاجر سلامة بخيت وفاطمة فتركت له فاطمة البيت وذهبت إلى بيت أهلها.

شمر عبد الغنى، إنها فرصتك يا ولد، أهل مصر لن يقدروا علی مكري، أغلب الوقت في حجرة سلامة بخيت أواسيه، ولأنك يا عبد الغني راجل فلابد أن تقوم بالواجب، شای، سكر، لحمة، سمك، أنت الآن أومباشى يا ولد ولك وضعك، والجيش مال سائب.

کل با سلامة، انا وانت با سلامة والزمن طويل –

***

إلى أن نطق سلامة بخيت، لف ودار حول الموضوع

ان عبد الغني صاحبه وحبه، وعبد الغني شخص محترم يستطيع أن يذهب إلى أهل فاطمة (ليصلحها) فهو قد اشتاق اليها.

وذهب عبد الغني: جلس مع فاطمة وأهلها، قال لهم :

سلامة هلاس، سلامة بتاع خمرة وحشیش ونسوان.. سلامة مينفعش.

 ورجع عبد الغني، وجلس مع سلامة وقال :

۔ زموا فيك.. البت يا صاحبي عينها من واد نجار ماشية معاه، طلقها يا سلامة.

وطلقها سلامة.

* * *

تردد عبد الغني على أهل فاطمة، وفي كل مرة كان يحمل معه كيسين من خيرات الجيش، وأحبته أمها وأحبه أخوها

الصغير,

لم يعملوا فرح، لكن كتبوا له عليها وعاش معهم في حجرة من الحجرتين، وأنجب عبد الغني مروة ودعاء.

انتهى تجنيدك يا ولد، كيف تعيش وماذا تعمل يا عبد الغني، بدأ القرف بسبب المصاريف

شرب عبد الغني (حجرين) حشیش واستغرق في تفكير ثقيل. في آخر الليل استطاغ عبد الغني أن يقنع فاطمة ببيع شبكتها من سلامة بخيت، عزز رأيه وقال :

– وبصراحة أنا مش عاوز حاجة من ريحته.

أخذ عبد الغني أربعمائة وخمسين جنيها وذهب إلى سرور صاحبه في خان الخليلي، واشترى بمائتين وخمس مشغولات فضية وحملها في وسط ملابسه في حقيبة و(نط) على العراق.

وعاد عبد الغني بعد شهرين وفي جيبه صافي ألفين جنيه وأخذ فاطمة وأولادها وشاف حجرة في بيت الجنادی من ناحية زنین وعاشوا فيها.

* * *

عبد الغني (صريف) ويده ( مخرومة) وعينه زائعة. وماجدة بنت الجنادي التي تشتغل في كوافير فاتها قطار الزواج وبدأت تعمل معه کید (النسوان).

وجعلته على القهوة وتجمعت مع أخواتها على فاطمة وضربوها وقالوا لها :

۔ انت مره معفنه، وعندما رجع عبد الغني جاء في صف بنات الجنادی.

خرجت فاطمة ومعها دعاء ومروة وإسلام الى بيت أهلها، وخلا لك الجو يا ولد.

**

بدأت ماجدة تغسل ملابس عبد الغنى وتعمل الأكل لعبد الغني، وبدأ عبد الغنى يقول :

۔ فاطمة مره مالهاش أمان. وطلقها.

* * *

جد الجد، فقالوا له بيت الجنادی :

– سافر يا عبد الغني وارجع بخيرات الله وبعدين نكتب الله على ماجدة. وأعطوه خمسمائة جنيه

وسافر عبد الغني، ورجع عبد الغني بعد ثلاثة أشهر ومعه ألف وقال :

۔ الحالة بطالة بسبب الحرب

***

تزوج عبد الغني من ماجدة. وقال عن نسايبه: ۔ جدعان لم يكلفوه مليم أحمر

وعاش عبد الغني مع بنت الجنادی واشتغل في کار الفضة وأنجب ولید و عماد وسامية، وكان أهم شيء في حياة عبد الغني أن يسمع (التسجيل) ويشاهد التمثيلية في التليفزيون الساعة سبعة مساء.

سمع عبد الغني للمرة العاشرة كلام بطال عن ماجدة وعرف أنها تلعب بذيلها فضربها وقال :

– يا أنا.. يا شغلة الكوافير. تجمع أهل الجنادي وضربوه، طلقها فطردوه من الحجرة.

* * *

ذهب عبد الغنى فشرب (حجرين) حشیش وقضى ليلته ساهرا في محطة مصر، ذهبت الدنيا يا ولد بعد أن أتت، سوف يشتكونك بالنفقة يا عبد الغني، ماذا ستفعل في الديون يا ولد.

في الصباح عاد عبد الغني، أخذ يتجول في بولاق الدكرور وقف يشتري علبة سجائر من دكان شحاتة. التقطت أذنه كلام شادية السمراء ابنة شحاتة تتحدث إلى أمها داخل الدكان :

۔ فلوس ايه.. غايته الواحدة في الزمان ده تتجوز وتجيب عيال وتعيش في ضل راجلها.

بدأ عبد الغني (يتحنجل) ويعد باقي النقود مرة واثنتبن.

سار عبد الغني في حارات بولاق الدكرور الضيقة يشم رائحة (التقلية). لم ينتبه لعشرات العمال الذين كانوا خارجين لتوهم من مدرسة زين الابتدائية كان عبد الغني مستغرقا في تفكير عميق.

بولاق الدكرور

۱۹۸۷ / ۹ / ۲

…………………

قصة من مجموعة “مهر الصبا الواقف هناك”.

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون