حكاية الفتاة التي لا تعرف الطريق

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ندى القصبي


لم تكن تعرف أي شيء..
قط.
مانوت بدأ هذه الرحلة.
فلم تسأل أبدًا عن الطريق
...........

 


تركت الهواء يتنفسها بروية.
وبصمت، 
نفختما علق بها منهم.
فتناثرت حكاياتها ورقًا.
عليها أنتترك كل شيءخلفها.
فلا يعجزها الرحيل.
نفضت جناحيها بعنف..
كل ما تبقى منها، تناثر.
حاولوا الإمساكبها.
لكن لم يبق شيء !.
عدارفرفة،
يخفت صوتها بالتدريج.

.

.
.

 
القصاصاتبقيت حيث كانت تقف.
لم يفهمها إلاالصبي الصغير،الذي انهمر في الضحك قاضمًا تفاحته باندهاش.. 
تحدث عن رؤيته لها قبلًا حين كانتأرنبًابريًالا يجيد أحدُ ترويضه.
وكيف اصطادها صياد الغابة.
ومنحها اختيارالمصير.. 
فاختارتأفعىً سامة لفترة.
ظنت أنها ستحميها.
لكنها عوضًا عن الحماية منحتها ضعفًا وارتباكًا.. 
تعثرتبهماطويلاً.
……
  


كل شيء كان يسير ببطء، حتى رأته !
أنه هو ..
حتمًا سيدلها على الطريق.
 – ضحك الفتى بنشوة- فاختنق بقطعة التفاح!  
استمر في حكيه، باصقًاما انحشرفي فمه ماسحًابكمه بقاياه.. 
استدرك.. .
عثرتْعلىجناحيها حينقابلته
  لم تفهم.
فتوقفت لمدة طويلة عن الحركة،لكنه لم يرها..  
تبعته بصمت ثلاثة أشهر إلا بضعة أيام.
قيل لاحظها نهاية الشهر الثالث،وقيل رأها قبل ذلك.. 
لا أحد يعرف متى كانتأول مرة.
لكن الجميع يعرف أنه اتخذ وقتًا طويلًا حتى حادثها.
ثمسرعان ماعاد إلى صمته.
بينما كان جناحاها يكبران 
  يومًا بعديوم.. 
حتى لم يبق هناك جدوى من الاختباء.
………

شاهدتها تضحك كثيرًا
يقول الفتى، ويصف حمرةً عجيبة علت وجنتيها..
تتمسك بظله.
وكلما تمسكت به زادها ذلك ضياءًا
قبل أن تنضم إليه،جمعتكل ما تملك.
ضحك،
لميكن ذلك أكثر من بريق نجمة وحيدة أضائت ساعة ولادتها، ورافقتهامنذذاكالحين
كان ذلك كل متاعها.
قليل من حبات الكاكاو والبن، خبئتهما بعناية في قطعة قماشمعلقبرقبتها
كان ذلك كل زادها..
وحين استعدت.
اخفت جناحيها.
ومشت وراءه
لمحها.
فسألها لم تتبعه ؟ 
أجابت.. 
أريد ذلك، أتمانع ؟
صمت طويلًا، ثم أشار لملابسها الخفيفة وقالليس لمثلك طاقةُ لطريقي.
والتفت
ضحكتوقالتكفيلة أنا بأمر نفسي
صمت واكملمسيرته.. .
التفت إليها مرةً أو اثنتين.. 
في الثالثة مدّ لها خيطًا رفيعًا من ظله، حتى تستطيع اللحاق به
تحمّلت البرد،
لكنها لم تستطع تحمل الصمت.

حادثت كل ما ترى..
ترى الأرانب البريةفتتذكر سيرتها الأولى.
تبتسم.. أو تخاف ! 
لا أحد يعرف.
القطن الأبيض المحمّر الذي تحب شكله محلقًا فوقها..
تتسائل ماإذا كان طعمه ألذ من حبات الكاكاو..
تنظر للأرض مجددًا، 
وتمشي
.. .
لمح صاحب اللكنة الأجنبيه جناحيها، توقف ونظر.
كنتُ مارًا من هنا، قال.
وأردت الاستفسار، مشيرًا إليها.  
أشارت باصبعها أن اصمت..
و همست لهبأن رفيق سفرها لم يعرف بعد بشأنهما،وأنها تخطط لإخفاء الأمر حتى يشتد عودها وتستطيع الطيران.. 
حركّ كتفيه، وسأل لم تلحقين بهإذًا؟
قالت أحبه،لكنه لا يعلم ذلك بعد
ضحكوقال،
يبدو لي أنه يسمعكِ جيدًا
غضبت..
فأخبرها أنها جميلة
فزادها ذلك توهجًا
سألته، هل يحبها؟
أشارلبعيد وقاللي حبيبة لو عرفت بأمرك لقتلتك
اقشعر جناحيها، ولم تلتفت إليه مجددًا
لكنها كانت تسمع ضحكته من آن لآن.
تطمأنها أحيانًا.. وتحيرها أحيانُ أخرى
ومضت.
…..
.
التفت صاحبها متبسمًا، قد علم بخوفها..
مدّ إليها عدة خيوط من ظله فلم تعد ترى شيئًا.
وقيل لم تشعر بالبرد بعد ذلك أبدًا
لمح ظل جناحيها..
فسألها
وجلت وقالتإنما هيء لكَ. لا شيء هنا كما ترى… 
صمت، والتفت..
أسرع الخطى فلم تعد تراه.
………….

أوقفها صاحب وجه لطيف،
بعينٍ ضاحكةوأخرى باكية.. 
سألته، لمَ لم تجف دمعتك تلك ؟
قالهو أثر الدمعة الأولى، حين رَحَلتْ.. 
بكى
صمتت، فصمت
ضحك، فضحكت
مدّ لها يده، فأخفت جناحيها.. 
قالأحببتهما فاتركيهما..  
قالت،مازلت فتية
.
أخرجمنروحهفتيلًا من ضوء، هزه حتى يبس، فصّيرهعصاة، قال توكأي عليها.
فمشت قليلًا، ولم تخف
حين حاولت الخروج واللحاق به.
آذاها ضوء الشمس فصرخت
رمت العصاة برجفةٍ فانكسرت، بكت عينه التي تضحك، وصمت
قالتوداعًا “بحدة”  
فرماها بحجرٍ أسود..

ثم رحل.
...
التفتصاحبهاأخيرًا..
حين سمع صوت بكائها.
قرّب المسافة بينهما.. 
وضحك 
زادها زادُ على زادها.
فاطمأنت.. 
ثم صمت..
فصمتت.

 
وهنت في سيرها وبدأت بالتعثر..
نفد زادها.. 
فاستحت أن تطلبه.
مُدّت لها الأيادي الكثيرة.. 
فأرخت بصرها للأرض.. وجلست.
تراه يبتعد.
ولا تحّرك ساكنًا..
عليها أن تكمل الطريق وحدها إذًا ؟
خيوط الظل قد تفككت..
وملابسها الخفيفة لم تعد تقيها البرد.
ولا طاقة لها بالسير.
وصاحبها لم يلتفت بعد.
ولم يلحظ تخّلفها عن الركب.
..
 
اضطربت.
وبلغت من التيه ما بلغت.  
نظر إليها الطفل الحزين وأخبرها أن الطريق وحدها سيكون بطيئًا..
ضحكت،وأوضحت له أن لها رفيقًا تحتمي برفقته.
لم يرى شيئًا.
ظنّ أن لوثةً قد أصابتها.. فرحل
.. 
.
لم يبق من أثرها إلا قصصًا تروى.
ولم يحظ أحدٌ بحديث طويلٍ معها.
قال الفتى
يقال أنها صمتت حينًا من الزمن..
وقيل تحدثت حتى انتهى الكلام
لا أحد يعرف.
.. 
ضحك الصبي،  
 “ربما عرفت الآن طعم السحاب” فكّر بينما استمر في طريقه، 
يركل الحجارة.
يكركر
يبتسم
حتى غاب عن نظرهم.  
نظروا إلى مكانه تارة.
ثم إلىالسماء الصافية تارة

كانوا قد نسوا ما رأوا..
فلم يصدقه 
أحد...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 كاتبة مصرية 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار