،،
ما كان هذا الذى تفعله جدتى
فى البيت دقيق وفرن
خبز
وأحزان
يا جدتى
،،
لم يكن لخبز الصدقات طعم
لكن رائحته تسوقها من بيت إلى بيت
وأنا كان علىّ أن أخرجها
كل يوم
من حفرة
:
من بعيد
مغمضا ًعينىّ
أخمن قامتها النحيلة
الصرة فوق رأسها
وأنكمش فى نفسى
وسط أصحابى
وكلما اقتربتْ
توسلتُ للطريق أن ينشق
أو تهب ريح
،،
لم تكن تفعل شيئا ًغير الشحاذة والبكاء
لطالما نهرتها أمى
أنا وإخوتى
وأحيانا ًكنت أضربها بالعصا
فتتحشرج فى قامتها
مثل دودة
كأنها تستغيث بالجيران
،،
أصابعى الآن كهلة
قبل أن تكفر حتى عن نهار واحد
:
كنت صغيرا ً
وأصابعى تساعد جدى فى السقاية
أو تقلده ، وهو يرفع الآذان ،
إذ تحيط بفمى مثل قوسين
وأحيانا ًتجسّ معى الهاوية
أقول : يا جدتى
لا تبكى فوق البئر
كى لا تمسك
فيرن صوتى
فى القاع
ويرتد لى ، متشنجا ًأكثر
يا جدتى
خالى مات منذ وقت طويل
وفى البيت خبز
لا تشحذى
الأولاد يعيروننى بك
ثم أمسك بيديها ، أرجوهما
فيختلط الخضار فى عينيها بالبياض
تجهش عظام صدرها
وتوغل فى البكاء
بسبب البكاء ،كادت تسقط مرة
فى البئر
ومن حسن الحظ ،
تشبثت بعماها
وأنا سقطت ثلاث مرات
ما الذى فى البئر
تشكو له
غير الصدى
لم يكن هناك سوى البكرة الخشبية
أديرها مع الجدة
حجر صقلته المياه
وصفيحة صدئة
أتركها تسقط
على وجهها
لتدوى مثل مدفع
ما زلت أحتفظ بجرح منها
أسفل الصدر
ما زلت أسمع جدتى تبكى
رغم أنهم ردموا البئر
ما زلت أسمع صرير البكرة
وأندهش لما تكون عليه بئر
حجر يلمع
أو طريق
لا يتذمر من أقدام الجدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شاعر مصري
خاص الكتابة