ثلاث قباب على القلب

أسامة كمال أبو زيد
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أسامة كمال أبوزيد

في عمر السابعة تخيلت أن جزيرة تسكن الماء تطفو على لمعة البحر بين شروق الشمس وحتى اقتراب المغيب، لم أعرف حينها أن تلك الجزيرة السحرية الطافية على الماء لم تكن سوى معدية ابتكرها آباء المدينة الراحلين حتى يعبر فيها البشر من مفازة شمس أرض أفريقيا إلى أول بزوغ لهلال أرض أسيا المفعمة بالنجوم.. دوما كانت – المعدية – مغوية ساحرة سواء في تباشير خيط النهار الأولى أو فى حلكة سواد الليل الملتمعة بمسارات الأنوار المموجة المنبعثة من الفنار الساكن أمام القناة كحارس الليل الأبدي ..  في كل الأوقات كانت رحلة – المعدية – حالمة صافية حتى لو انتقلنا بها تحت دوامات المطر المغرقة أو شعرنا خلالها بلفحات الصيف المحرقة..  

كان الماء يلفنا بطراوته الحانية والنجوم تظلل أرواحنا بوميض من الضوء.

في رحلة الروح بين البرزخين والبائين: بورسعيد وبورفؤاد – مدينتا الروح – كان للقلب قباب ثلاثة ينقب عنها… ثلاث قباب من الياقوت الأخضر المرصع بأحلام كل مروا من هنا ..

ثلاث قباب تنتظرك أينما وليت وجهك من صفحة القناة، تراها من الشمال وحتى الجنوب…من الشرق وعند الغروب..

 ثلاث قباب بنيت بعزم وعذابات من حفروا الأرض بين البحرين الأبيض والأحمر وطلت على العالم محمولة على أحلام من تركوا شواطئهم وأتوا الى أرض الماء والماس في بورسعيد.. فهناك في حنايا القبة الوسطى كان أبى يسجل أسماء وصفات ورموز كل السفن العابرة والغادية، الراحلة والغابرة، وكأنه ينقش على القلب نقشا ربانيا ويضعها بأنامل محبته على خريطة القناة    …

حين استقرت القباب الثلاثة على القلب والماء والأحلام، هلت أسراب نوارس البحر من كل السماوات وتدفقت على سماء المدينة الوليدة ولم تغادر أبدا بحرها.. تهل مع هلال الشتاء وتتوارى مع سحب شمس المغيب.. تتوافد أسرابها مع أولى دقات المطر، وتتفرق وتتباعد مع ولوج شمس الصيف الى المدينة.. هي والمطر وثالثهما الغروب أبواب العشق الثلاثة التي يدلف منها العاشق الى معشوقته.. العاشق الذى ارتحل من كل مدن الأرض وانجذب جذبة المريدين الى معشوقته الساكنة حول القباب الثلاثة وخلفها.. مدينة القلب والبحر.. ب و ر س ع ي د

 

 

 

مقالات من نفس القسم