تناغم  (17)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

 تاجر ومتاجر-  تجارة و متاجرة مفردات تنتمي لجذر لغوي واحد، ويحتفظ كل منها بفارق دلالي واضح، التجارة فعل بشري مقبول يقدم فيه الفرد سلعة لها قيمتها ليحصل على المقابل، لنقل هي منفعة متبادلة بين طرفين،ولكن المتاجرة تعني أنك تطلب من الآخر نظير مالا تملك أو مالا  تؤدي، والتجارة بهذا فيها نوع من العطاء في مقابل المتاجرة التي تفتقد لهذا المعنى وتلك القيمة، وابن الرومي يقول:

وفي الناس من يعطي عطاءَ مُتاجرٍ       وآخرُ يعطي كالسحاب المسخّر

منذ سنوات فرضت اللحظة التاريخية تعبير المتاجرة الذي حصره الكثيرون في المتاجرة بالدين وإن لم ينحصر في المتاجرة بالدين وإنما انسحب إلى كل مناحي الحياة حيث أدخل الناس أنشطتهم جميعها إلى دائرة المتاجرة وفي مقدمتها التعليم الذي أصبح مهنة من لامهنة له، فعندما غابت الدولة وتخلت عن دورها في التعليم (عجزا أو تعمدا ) ظهر التعليم الخاص في بداياته الأكثر احتراما حيث اقتصر في البداية على أفراد لديهم خبرة مسبقة في مجال التعليم، ومع الزيادة السكانية ودخول الدولة حالة من الخمول الصيفي الدائم طفا على السطح نوع من المتاجرين الذين لم يكن هدفهم سوى خدمة أرصدتهم أو استثمار أموالهم (قالها يوما مدير مدرسة خاصة بالحرف الواحد: لازم أسرق المدرسين علشان أمشي المدرسة )

وفق إحصاءات وزارة التربية والتعليم في مصر الآن 6174 مدرسة خاصة مقارنة بـ 5118 قبل خمس سنوات (2008/2009) مما يعنى زيادة عدد المدارس الخاصة (1056) مدرسة بواقع قرابة 212 مدرسة جديدة سنويا، ومع عدم التشكيك في توجه أصحاب هذه المدارس فهل يخدم الجميع العملية التعليمية والتربوية وكيف تتم هذه الخدمة وماذا يكون عليه المنتج النهائي؟

المنطقي أن  يؤدي  التعليم الخاص دورا متميزا فارقا يضع نفسه معيارا لنجاح المدرسة الحكومية وليس العكس بمعنى أن يكون التعليم الخاص نموذجا تحتذيه المدارس الحكومية فإن تخلى عن تميزه انقلب الوضع (يحدث في حالات نادرة أن ينقل أحد أولياء الأمور ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية منضبطة تتوافر لها عوامل الإدارة المدركة لطبيعة دورها وهو العامل الأهم في نجاح أي مدرسة حكومية).

ومن المنطقي أن تكون المدرسة الخاصة تعويضا فرضته مظاهر القصور في التعليم الحكومي والتعويض يعني أنه الأفضل بما يتميز به من: كثافة الطلاب  أقل في الفصول – العملية التعليمية تسير وفق نظام صارم ومحدد – توافر إمكانيات الأنشطة اليومية المتنوعة للطلاب من ملاعب ومكتبة وغيرهما، ولكن الواقع يضعنا أمام حقيقة تكشف عن نوعين من المدارس الخاصة: مدارس كبرى أقل عددا وتتوافر فيها هذه الإمكانيات وتجدها في القاهرة والإسكندرية وهي مدارس محدودة العدد جدا، مدارس أقل مستوى وهي الغالبية العظمى من المدارس وتتسم هذه المدارس أو شريحة كبرى منها بضيق المبنى أصلا ( أعرف مدارس في الأصل بيت قديم أو شقتين بينهما باب رابط ) توفيرا للنفقات تعتمد بعض المدارس الخاصة على  نوعين من المدرسين: مدرس مبتدئ لا خبرة له ومدرس على المعاش لاقوة له، بعدها  لا تسأل كيف حصلت هذه المدارس على تراخيص عملها ولا كيف تستمر طوال هذه السنوات تقوم بعمل من أخطر مايمكن أن يقوم به بشر وفي معظم هذه المدارس لا تجد فارقا كبيرا في كثافة الفصول بينها و المدارس الحكومية حيث يضيق الفارق بينهما إلى حد كبير.

في مصر الآن ثلاثة أنواع من المدارس: مدارس خاصة كبرى لا يقدر على تكلفتها سوى الشريحة الأقل من المصريين، و حكومية كثيرها ضار وقليلها نافع ثم مدارس خاصة قليلها يعافر وكثيرها يتاجر والمصريون بين أضلاع المثلث قليلهم قادر وكثيرهم مناضل صابر مثابر.

وللحديث بقايا

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)