تمارين الحزن

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أنا فى منزلى أكون وحيدة، أنا فى منازل الأصدقاء أكون خارج نفسى، أنا فى شوارع هذه البلدة أسير فيها، خارج طرق البشر، وأسير  داخل نفسى المغتربة فقط لا غير، أنا فى هذه الوحدة المدرسية راية من علم ملطخ بكل الألوان، وكل الأشكال تتواطئ لصنع نفس مزيفة، غير ما تتمناه نفسى ... وأمام كل الآخرين أكون غير ما أريد  وأطمح ، تخرج  أمامهم نفس مهترئة ممزقة بذكريات الماضى وخيبات الحاضر التى تلاحقنى، يدور حدث جلل فى الشارع فلا أبالى، أهرب من الأنوار والعلم الذى يمقتنى داخل الوطن  وأبتعد عن هنا لأقف هناك بعيدًا، لا أعرف ماذا أفعل، فأشد الغطاء أكثر فأكثر على فراشي، حتى لايظهر شيء البتة من جسدى النحيل، وروحى الضامرة, وأردد كالببغاء "سأمارس تمارين الحزن"، "تمارين الحزن هى الحل الحاسم لهذا البرد الأهوج والاغتراب القاتل" :

تمرين رقم 1:  أنت تكون متخومًا بطاقة لإنجاز أى فعل ضخم، وصنع دوي هائل وسط الأصدقاء وفجأة روحك تنشطر إلى جزيئات متناثرة كالزجاج المهشم، لايعود لسابق عهده ، ولا تعود أنت قادر على فعل أى شيء، ولاتجد أي رد أو تفاؤلا لتصد ذلك السهم النافذ والقاتل لإرادتك .

تمرين رقم 2: فارس أحلامى الذى أحببته حب حياتى فى عبارة مختصرة مات فى ادعاء حادث على الطريق السريع فى يوم محفور فى ذاكرتى 28/2/2010 أثناء ارتياده موتوسيكل حقير، كانت وسيلته الوحيدة فى التهام الطرق والبحث عنى .

تمرين رقم 3 : فى شده اكتئابى وإحباطى، أتجمل بالمساحيق الزاهية الألوان ، حتى أبدو كالبلياتشو، وارتدى بلوزتى الأخضر الزرعى والجيب الأسود الضيق  (المحزق ) على ردفىَّ والطرحة الصفراء، حتى أهاجم فصل الشتاء بضبابه القاتم والصيف بحره المنفر بألوان الربيع المنعشة .

تمرين رقم 4 : عندما لا أجد مكانًا أذهب إليه ، أقطع تذكرة فى المترو فى أي اتجاه دون هدف للوصول لمكان محدد ، وأجلس على المحطة ، أمعن النظر فى الموديلات الجديدة والتقليعات اللافتة للنظر لهذا الموسم بتفحص بعيد عن الشبهات لما يرتدين الفتيات والسيدات الهابطات من المترو القادم أو الغاديات مع المترو الراحل .

تمرين رقم 5 : أحلم دائمًا أننى أجلس على ربوة عالية خضراء ثم أتدحرج عليها لمسافات طويلة مندفعة لمصيرى بين أحضان الزروع والمياه ، وتتحرر روحي فيهما ، وأنا أتمنى  لروحي الهائمة فى سحب الأحزان أن تستقرعلى أرض النقاء والطبيعة الحرة حتى لو موتا .

تمرين رقم 6 : بأية طريقة لا تجعلهم يحولونك إلى شيء آخر، غير ما أنت عليه ، ربما تخضع للعبتهم , وتعتقد أنك الفائز، ولكنك الخاسر أمام نفسك التى لا تستطيع أن تتخلص من إيلام  الذات  الموجع للغاية لك .

تمرين رقم 7 : يفتح الإنسان ذراعيه للدنيا ويصلب هكذا أخبرنا شاعرنا أراغون .

مقالات من نفس القسم