وبعد أن بدأت أولى صفحاته شعرت بثقل الخوف يطاردني .. وبدأت أختار القاعدة الثانية لي في القراءة ” من حق بطل الرواية أن ينل من الشكر والتقدير على حكايته والكاتب يستحق أن يشعر بالامتنان ممن ترك فيهم الأثر من قراءه ” كما دفعني ” مياس ” لكتابة تلك الكلمات إهداء مني له ولبطلته إيلينا :
شكرا سيدة إيلينا على مشاركة وحدتك معي منذ صغرك وأنتِ مرهقة , طفولتك مليئة بالصراعات مع والدتك , خلافاتك الكثيرة معها جعلت منكِ شخصية تسعى للهرب من الضغوط , ربما في شبابك تحمستِ للمبادئ مع أنريكي , فيما مضى ظننتِ انه الثوري الفاضل , ولكني أصبتِ بالإحباط عندما استخدم تلك الشعارات للتسلق والوصول للسلطة والمال , في اغلب الأمر مشاركتك له في مشاريعه المشبوهة لم تكن بموافقتك , خياناته المتكررة جعلتك تبتعدين تدريجيا عن ابنتك التي تذكرك بشريك حياة أسئت اختياره , ازداد إحباطك يوم بعد يوم فلجأت لوحدتك وتدخين الحشيش الذي فتح لخيالك المجال خارج زحام الواقع , الخلطة العجيبة من الحشيش والخمر غيبك لسنوات طويلة , عشتِ تلك السنوات في متاهة ساعية للخروج من ماضيك ,
أنا الأخرى أشاركك ذلك الهرب من ضغوط الماضي والاختيارات السيئة , يا عزيزتي نحن من نقحم أنفسنا في البؤس وندعي أن الآخرين هم السبب في ذلك , جميعنا يا سيدتي نفر إلي وحدة مربكة عندما يطاردنا القلق , الخوف من المستقبل الفارغ , البعض يدور داخل الساقية كثور أعمى حتى تنهار قواه ويموت بائس مريض , البعض الآخر يدور في ساقيته ويستيقظ فجأة ليجد أن الزمن قد ملأ ملامحه بتجاعيد الشقاء , أما أنا فأخشى أن أحيا تلك الحياة البائسة سواء كالثور الأعمى أو أن يجري الزمن واجد آثاره منحوتة على ملامحي , ربما لم استطع أن أجرب الحشيش وشرب الخمر مثلك , طوال الوقت أظن أني اهرب من الوحدة التي تملأني , لكني ألقي بنفسي داخل وحدتي أكثر فأكثر , قد أصل قريبا لمرحلة اللامبالاة التي وصلتِ إليها من قبل , عندما أهملتِ مرض والدتك وحمل ابنتك , لكني طيلة الوقت أخشى الوصول لها , فعدم الاكتراث للمقربين منكِ بالتأكيد هو شيء مؤلم ومزرِ للغاية , لا اعرف كيف اصف مشاعري بعد أن انتهيت من سطورك , كم كانت حكايتك متعبة ألقيت على قلبي بحجر ثقيل , تجمعت كل المخاوف أمامي بالرغم من عِندك في نهاية الأمر ورغبتك في التخلص من الماضي وخلق بداية جديدة , لم تكن كافية نهايتك المفتوحة يا عزيزي خوان خوسيه , لم تكن مشبعة أو مرضية لي بعد كل الألم الذي تسببه قلمك في سرد حكاية ايلينا الهاربة , وحدتها كانت شديدة القسوة على قرائها , جعلتني أشاهد تخبطي ومتاهتي التي ألقيت بروحي فيها , جعلتني أحدق النظر على وحدتي التي كنت أعيشها والتي اهرب منها الآن بالنوم المستمر او بأشياء قد لا تبدو جدية في واقع الأمر , كل ما خرجت منه رغبة في البكاء الشديد الذي ألم ببطلتك إيلينا عندما كانت تنفرد بنفسها .. في نهاية الأمر أشكرك على سرد حكاية تشابهت كثيرا مع حكايتي وحكاية أخريات يعشن تحت ضغوط مشابهة وليست متطابقة .. أحسنت صنعا في وصف شخصيتك و وصف مشاعر بطلتك , أجدت استخدام اللغة في وصف كل حال مرت بيه تلك البطلة الكئيبة , شكرا لإيلينا التي حاولت أن تعند بالرغم من كل ما مرت به وما كان ليؤدي بها سوى للانتحار .. شكرا على نهاية غير متوقعة لرواية تجمعت فيها الكآبة بكثافة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتبة مصرية