تشبه الحياة: مقاومة بالزينة المفضوحة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

في ديوانها الثاني "تشبه الحياة" والصادر عن دار ميريت-2015. تكتب أميرة الأدهم عن حياة ترتدي زيّ الحياة؛ حياة تتظاهر بالحياة، حياة خارجية التفاعل والحركة، بينما هي ساكنة، أقرب للموت، بالتأقلم، وبمساحيق تجميل مكشوفة وتم التغاضي عنها؛ لأنه "لا حل معنا سوى إشاحة النظر/بدلًا من القتل/كحلٍّ مؤقت". وفجوات الذات تمت مقاومتها بالزينة المفضوحة. "وكلانا -أنا والشارع-/ يشفق كثيرًا علينا".

وخلال قصائد الديوان، تبرز العديد من العلاقات مع: الأم، الأصدقاء، الحب، العابرين … ومع الذات التي تراقب، وتشتبك مع العناصر في اشتباك مزيف، لأن الاشتباك الحقيقي يقع مع الذات بالتدوير لتلك العناصر؛ فبينما “صورتي المثالية أمي..صورتي المثالية ترفض رئتي وأنفاسي“، والأمهات لاتموت “مثل نجفة عتيقة”. فهذه الدائرة التي تشتبك مع الأم؛ هي اشتباك مع رؤية الذات للأمومة، وحيث لافتة الأمومة مكتوب عليها: “المصنع غير مسئول عن سوء الاستخدام والحفظ“. هو اشتباك منذ طفولة لا ترى؛ فترى صورة مثالية في الأم، ثم يصاحب الذات شعور بالرفض تجاه تكونها المخالف لسيرة الأمومة عندما تخطو خارج عتبات المصنع، الرفض الذي يحول الأم إلى البكائيات؛ في محاولة لتغيير التكنيك وليس الرؤية. وتصبح الأم كنجفة عتيقة في الذاكرة. لا يمكن التخلص منها، لكن يمكن إقامة  مصالحة في الذاكرة، مصالحة تشبه الحياة؛ حيث السراب يتجمل بعد كشفه. أو كما يعبر عنه محمود درويش: بأن المسافة مثل حدادين ممتازين تصنع من حديد تافه قمرًا.

وحتى على مستوى مفردات عملية وطبية تتناثر في الديوان، مثل : الطب، المشرط، الأندروفين، المسكنات، فصائل الدم. فإنها لا تنبع فحسب من خبرة عملية، بل تشير إلى برودة الحياة. إلى عملية باردة، حيث الحياة مرئية من خلف لوح زجاجي؛ فهُم (الأصدقاء): “يصفون أنفسهم من خلال الحديث عن الأصدقاء”. والولاعات مخبئة وراء القلوب. حيث الحائل يقع بين الذات وبين التعبير، وليس –فقط- بين الذات وبين العالم.

الزمن ثقيل في القصائد، ضاغط، غير قابل للتعامل معه. و“ساعة الحائط تأخذ وقتًا ومجهودًا في التكسير“. بالرغم من انسياب فعل التكسير أمام المرآة والأكواب وحلاوة الزجاج المنثور. و”الوقت الذي يتمدد/هيستيري في توابعه“. حتى الأحلام ثقيلة، لا تخرج عن الشبه بالحياة؛ حيث “تستحم الأحلام والتفاصيل فوق رأسي وأنا نائمة” “ولأن الألم ينتج عن جشع الأحلام”.

ولا يحضر الحب في القصائد، بل فترات الخروج من الحب، الفترات التي يتخلى فيها الحب؛ فترات النقاهة الموجعة. الفترات التي تنغلق فيها الأبواب، يصبح الحب مزرعة خنازير لتسلية أليفة، خيبات تستهلك السجائر والبروزاك لابتعاد بأقل ألم، وابتسامات للوجع مع تظاهر بتسديد ديون المحبة، تظاهر لتشبه الحياة، بينما الهوس المذعور يكمن في “أسلخ ملامحه من على وجهي كل صباح/وأزيد من قدر مساحيق تنظيف البشرة…فينبتُ تقاسيمًا جديدة“. بينما الدخول في دورته الجديدة؛ ذريعة لنسيان أثر قديم.

يصبح الشرير: “هو الذي يجبرك على أن تصبح شريرًا وتبحث عن تعريف للشر“. في نفس اللحظة التي فيها “لا أحد يعرف القاتل”. حيث زحام ممتليء بالأذى. لا تدرك فيه من اليد الضاربة. وممارسة الشر هي البحث عن أسوا ما في الداخل “وألصقه بشخصية تليق بالحياة”. في دائرة اشتباك جديدة؛ تحول المفعول به إلى فاعل؛ بعد أن تحشوه بنصيبه من الكعكة.

مقالات من نفس القسم