في تقديمه للديوان يذهب الكاتب “أحمد عبد اللطيف” إلي أنه:
“إذا كانت القصيدة هي التقاء كلمتين لم يكن من الممكن اجتماعهما من قبل لتؤديا إلى “غموض ما”، كما يقول جارثيا لوركا، فقصائد رنا التونسي القصيرة والمكثفة تحقق هذا الغموض، لكنه ليس الغموض المنغلق على نفسه، إنما الغموض الذي يمنح العديد من المعاني. إنه غموض خاص، لا يكتمل فحسب مع كل قصيدة على حدة، إنما يتحقق كذلك مع اكتمال كلّ القصائد، إذ القصائد القصيرة في مجملها قصيدة وحيدة طويلة في عمقها. قصيدة تعمل فيها المخيلة الطفولية كمكان تتوق الذات الشاعرة إلى العودة إليه، وتشكّل الأحلام البسيطة لذات مغلفة بالوحدة جدران هذا المكان، وسقفه. قصيدة بلا زمان محدد، لأنها لا تعود إلى الماضي ولا تروح إلى المستقبل، إنما تبقى معلقة في الزمان المتخيل، وهو زمان موازٍ للواقع، غير أنه ليس اللحظة الحاضرة. بذلك، تدور القصائد في لحظة لم تُخلق بعد، وتتوسل لتحقيق ذلك بالتكثيف، كأنّ كل قصيدة، في نهاية المطاف، لحظة منفلتة من الزمن، في قِصَرِها وسرعتها وربما قوة تأثيرها. وإذ تفعل ذلك، تبدو اللحظة الزمنية الهائمة والسائلة أكثر تحديدًا مع التقدم في قراءة الديوان، وهو تحديد لا يتناقض مع الغموض بقدر ما يؤكده، كأنّ الغموض لا يتحقق إلا بمقدار الوضوح، أو، للدقة، الوضوح الوهمي. ربما تأتي من هنا بطولية “الزمان المتخيل”، الذي يتوافر على كل ما تتطلع إليه القصيدة: قوارب ورقية، بحر، بيت، طريق، سفينة، وحدة. مفردات لا تشير إلى الحياة اليومية بقدر ما تشير إلى الحياة الوهمية، حيث كل شيء غائم وجميل لأنه لن يتحقق”.
.
رنا التونسي. شاعرة وكاتبة مصرية، وُلدت وعاشت في القاهرة٬ درست في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، 2005. مثلت مصر في عدد من المهرجانات الشعرية العالمية. قامت بتحرير وإعداد كتاب “الأمومة”، شهادات وقصائد لشاعرات مصريات وعربيات، دار ميريت، 2017. صدر لها: تسع مجموعات شعرية. تصميم الغلاف للفنان الكبير: وليد طاهر.
.
من الديوان:
وُلدتُ في منتصف العام
في وقت لا يهمّ أحدًا
ولم تقع فيه أحداث كثيرة.
وُلدتُ في منتصف العام
في وقت لا يهمّ أحدًا
ولم تقع فيه أحداث كثيرة.
لكننـي رأيـت نفسي الآن
في صورة خائفة أحضَرَها ابني،
وهو يسألني:
“أين كنتِ؟
ماذا كنتِ تفعلين؟”
أخبرتُه:
كنت في طريقي إلى والدك
لنلقاك.
………………………..
يمكنكم تحميل الديوان من >> هنا