بين النار والجنة

فتحي مهذب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فتحي مهذب

لما اقتيد أبي إلى النار

مقيدا بسلاسل صدئة

بتهمة الهروب الأبدي من البيت

وارتكاب جرائم حرب:

قتل الملائكة في عيوننا الصغيرة

إلقاء صلواته الجافة إلى ثعبان الشك

حرق مصحف العائلة بدم بارد

تمزيق العلاقات الأبوية بفأس اللامبالاة

بكيت طويلا أمام خازن النار

راجيا تخليصه من براثن المحرقة

بما أن له كسورا عميقة في مخياله القروي

كدمات زرقاء في مفاصل صلواته

لكن طردني خازن النار

مهددا إياي بمسدس من قش

لما دخلت أمي إلى الجنة

(بشعرها الطويل حتى الينابيع)

وابتسامتها المرفرفة مثل منديل الوداع

وبمحبة خالصة

منحها الرب سيارة ليموزين

قصرا مسيجا بالحدائق المدهشة

كما هائلا من الذهب والفضة

قطيعا من الفرح اليومي

أمي طيبة للغاية

تهاتفني كل يوم

كنت أقضي طوال اليوم

بين الجنة والنار

على دراجة من الياقوت

اختلستها من الملاك رضوان

حاملا سلة ملأى بالخبز والنبيذ

والملابس الجاهزة

ترسلها أمي لأبي الغاطس في قاع النار

لأسباب فلسفية صرف

لم أك من أهل النار ولا من أهل الجنة

يتبعني كوكبة من فلاسفة الريبة

في انتظار حل أبدي لحياتي البائسة.

***

بشراهة قندس

 

هكذا دائما وبشراهة قندس

نأكل الوحل والقش ونعوي في الليل.

نهوى رائحة الدم والفضيحة.

إهداء ذكرياتنا لوحش من السيراميك.

قطع أصابعنا ورميها لبنات نعش.

نستمني ونطعم النعاس الأظافر .

الليل طويل القامة وأمنا لم تعد من المبغى.

نسيت نهديها الساهرين في فم كنغر.

الأشباح تروض اللامعنى أمام البيت.

وفي عانتي سرب من القمل والقيح.

ومثانتي ملآى بالرهائن.

بديدان منذورة للخراب.

من حين إلى آخر يطاردنا الرب بمسدسه الأشيب.

نرمي صلواتنا لكلبه السلوقي

ليخفت زئير الصيرورة.

ونقاوم صفير مفاصلنا بتبغ الجنازة.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم