“بلاش تبوسني”

شريف
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

شريف سمير 

لم تسعدني القبلة!

تسلل الإحباط إليها من البداية، بالرغم من صخب القبلة وطولها وتعانق اللسانين كان الخبو حاضرًا، كان جسدي في غمار القبلة ضيفًا، وعقلي يحاور الإحباط مندهشًا من حضوره و غيابي عن قبلة كهذه من فتاة في نصف عمري، كانت ترسل لي الإشارات منذ فترة، وتأتي لزيارتي في المكتب ساعة تعرف أنني وحيد فيه، تشرب معي القهوة وتسمع الأغاني من تليفوني، تتأمل كتابًا أقرؤه وتناقشني بعناد الصبايا لكن بشغف.
آثرت أن أتركها تأتي كل الطريق نحوي كي لا أبدو رجلاً تستخفه الصبايا، ومنيت نفسي بلقاء خيالي، وحين حدث غابت عنه كل متعة و خلَف طعمًا كريهًا في فمي.
كانت القبلة قد أخذتنا من أمام المكتب وانتهت بنا مضغوطين إلى دولاب الملفات، نظرت البنت في ملابسها بسرعة وابتسمت لي – أسعدتها القبلة إذن- ثم احتضنتي وذهبت.
يا للغرابة.. أنا في الأربعين و كرهت قبلة بنت في العشرين، قبلة حطت على شفتي كعصفور مهاجر يستريح برهة ولن يعود. تغيرت زميلتي الأرملة مؤخرًا، صارت تأتيني بقطع من الكيكية عمل يديها، تدعوني لشرب الشاي الذي لا أحبه، تستشيرني في شئونها العائلية و المالية خصوصا، تمدح آرائي و شخصيتي في عبارات خفية. لم أدرك على الفور أنها تبعث بإشارات لكنني أدركت ذلك عندما طلبت رأيي في شقة تنوي شراءها وعندما قلت إن الشقة صغيرة على أسرتها قالت بابتسامة خجلى إن الشقة لها وحدها. ذهبت مع زميلتي التي تبحث عن زوج لأرى الشقة و أدلي برأيي الناتج عن لا خبرتي في العقارات، وعندما أخذتنا القبلة من ركن و تركتنا ملتصقين بركن آخر، كنت قد أدركت أن الأمر تكرر، غابت اللذة و حضر الإحباط، غاب الشغف و حضر الطعم الكريه في فمي، كأنني أخذت نفسا من سيجارة رديئة. ملتصقين بالركن همست لي بحرارة: لا تتهور أرجوك، أنا مازلت محترمة. – لا تقلقي، أنا أتحكم بنفسي جيدا.
لاحظت أنها ارتدت شورتًا بطول الركبة و بنطلونًا تحت فستانها، لاشيء لتقلق منه فعلا، أحسست تجاهها بالحزن، فعليها أن تبدأ بالبحث عن زوج محتمل من جديد. أنا في الحقيقة قد أحببت سارة منذ اللحظة الأولى، أحببت خراقتها في العمل، أحببت اقترابها الشديد مني حين تتحدث إلي، أحببت ضفيرة شعرها حين تفلت من الطرحة، و رغبت فيها لدرجة الألم، في التليفون مساء تحدثنا في كل شيء من نشأة الكون ومصيره إلى فن الطهي وماهية الحب، ما كان أجرأها في طرح الأفكار، كم كانت سريعة في كسر قيود عقلها، وكم ازددت حبا لها، تقاربنا أطلق موضوعا للحديث في المكتب، الزميلات الكبيرات تطوعن بالحديث إليها مباشرة ونصحنها بالبعد عني، واحدة أموت وأعرفها تطوعت بتنبيه زوجتي الغافلة في البيت، قطعت حديثي مرة و قلت لسارة:
تعرفين أنني أحبك جدا، صح؟
صمتت طويلا ثم قالت:
هل تعرف تلك اللحظة التي يتصاعد فيها البخار من أكواب الشاي في يد كل فرد من أفراد أسرة سعيدة راضية، أب وأم وأطفال جميعهم مبتسمون؟ ….هذا ما أريده، حتى مع زوج لا أحبه كما أحبك أنت، ولن أسمح بخسارته، أنت خطر على حياتي.
كم أحببت قوتها!
لكننا بعد تلك المكالمة لم نتبادل سوى السلام العابر في العمل، كم أرغب في أن أحكي لها عن قبلتين خلفتا طعمًا كريهًا في فمي، في المكتب نظرت إليها بالحكاية في عيني لكن نظرتها لم تتوقف لالتقاطها، في المساء أردت الاتصال بها لكنني تراجعت إشفاقا على بخار كوب الشاي في يدها، فجاءتني هي في الحلم، نظرت في عيني وعرفت الحكاية، اقتربت أكثر وقبلتني برقة على شفتي ثم ذهبت و لم أستوقفها، واستيقظت في الصباح سعيدًا مستهلكا من المتعة، لي يومان وأنا سعيد، والآن في المكتب أحاول اصطياد عينيها كي تقرأ في نظرتي كلمة شكرًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاص مصري 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون