أحيى الرواية والروائيين الجدد الذين يعدون خط الدفاع الأخير لهذا الوطن الذى ينحدر .. ينحدر .. ينحدر…..
هذا الوطن الذى نتسلمه الآن ممزقا ، ممصوصا ، ” لانافع طبلة ولا طار “
مايحدث الآن هى مراسم التسليم والتسلم التى يتقبلها البعض بأخلاق الفرسان ، وتكشف فى نفس الوقت عن خيبة وضآلة البعض .. فيحدث تخبط مضحك ، فيشبه عبده جبير الكتّاب الجدد بشعبان عبد الرحيم بكل سماجة ، وتقف سلوى بكر ضد الطاهر شرقاوى فى ورشة الزيتون نافثة سمها بلا أى مبرر فنى حقيقى ..
وسيظل الكبير كبيرا بتعامله بشرف ، واحترامه لتاريخه ولحركة الحياة ..
وخاصة أننا جيل لاينكر فضل سابقيه ، فكثيرا ما وقفت مرعوبا وفخورا أمام الحرافيش ، الزينى بركات ، ثلاثية غرناطة ، ذات ، وكالة عطية ، مراعى القتل ، فردوس ، تلال من الإبداع الخالص الذى كان سببا بلا شك فى صياغة وجداننا وفى عشقنا للكتابة ..
هذا التراث وغيره الذى يجعلنى أقول أننا أمام تحد عظيم ، هذا التحدى الذى يعد أحد دوافع الكتابه لدينا ، أحد دوافع اللاستمرار والدأب على العمل المتواصل..
يروق لى الآن أن أكمل الحديث عن التحديات التى تواجهنا ، فعلى المستوى الشخصى ، اواجه دوما تحدى أن أكتب نصا جديدا وممتعا ، يحمل قضية بلا مباشرة ، له مذاقه الخاص وجنونه الخاص، أرى دوما أن التحدى الحقيقى ألا أتنصل من قضايا الوطن ، وفى نفس الوقت اخلص لذاتى ولنصى ومتطلباته الفنية ..
وأعتقد أن التحدى الأكبر لجيلى هو مأزق الكتابة الجديدة التى جمعت الكل فى سلة واحدة ، وكل يوم تقذف إليهم بوافد جديد ..
أتذكر أننى كنت أسكن بمنطقة قديمة بنيت كل منازلها بلا أعمدة ، ومع الزمن أصبحت جميعها شبه آيله للسقوط ، وعندما تطوع أحد السكان وأتى بمهندس معمارى ، قال له أن هذه البيوت يحميها فقط تواجدها بجانب بعضها البعض ، ولو وقع واحد لانهارت جميعها ، اخشى ان يسحبنا الاعلام الى ان نصبح مثل هذه البيوت ، ونركن الى تواجدنا مع بعض تحت لواء الكتابة الجديدة ، والتمتع بهذا الاهتمام الإعلامى الكبير ..
ما أود قوله أن الإبداع نشاط فردى ومن الخطر الانسحاق تحت عجلة الاعلام والسير فى ركب الموضة ، خاصة أننى أثق أن الإعلام بعد قليل سيتحول بأضوائه لقالب فنى آخر ..
أنا لا أتحدث هنا من عل ، ولا أتحدث وأنا أملك اليقين فى شىء تماما ، أنا أعترف ، وبكل وضوح أننى حتى الآن لا أعد نفسى روائيا ، أنا مازلت وسأظل أتمرن على الكتابة ، هذا شعورى ، الكتابة لاتعدو كونها امرأة لعوبا مراوغة ، لو ركنت إليها خانتك ..
أنا أعلم ذلك جيدا .. أعلم أيضا أن فى عامنا هذا – على سبيل المثال – كتبت أعمالا أشد كلاسيكية من أعمال تيمور ..
وهذا ما يجعلنى أؤكد أن فخرنا ببعض لا يجب أن يجعلنا ننسى أن الانتماء الحقيقى لابد أن يكون لكل نص أصيل ، يحمل جيناته الخاصة لكل نص يأتى بجديد ويحرك المياه الراكدة .