أنا امرأةٌ مِصرية
أعني
أنا امرأةٌ متعَبة
أمضي ليلي استمتاعًا حتى الصباح
أشاهد الأفلام الخيالية التي لا أملك أن أعيشها
ونهاري ينقضي بين عدة مهامٍ روتينية لا يحصيها أحد
اليومُ مثلًا..
كان أقصر من أن أطلق عليه اسمًا
صنعتُ حساء الملوخية مع الأرز كي يتلقاهُ الصغار الجائعون
عائدون من المعصرة
انتظرتُ أفواههم الصغيرة كي تفرغ من المضغ
وتهيأتُ للخروج
حاشاي!
ليس للنزهة-
مع ذلك، وضعتُ بعض أحمر الشفاه كي أتلهى عن مشوار الطبيب الثقيل
طوال الطريق أبتلع أدخنة السيارات
أفكرُ
هل يتنفسُ طفلاي كل هذا الزخم المصريّ الأصيل؟
هل يتذوقان ذلك الهواء المشبع بالعرق والغضب والفقر؟
هل يبتلعانه؟
هل يحمل ألبوم طفولتي القديمة
أكثر من ساعاتٍ قضيناها في الأوتوبيسات العامة والميكروباصات
نتنفس الملل
والتعبَ
والدخان؟
ألا يكون دخان احتراق أشياء ما.. أشخاص ما؟
يلعبُ طفلاي في المشفى،
في عيادة الطبيب يقفزان على السرير المريض ويمنحانه حياة
في متجر الأدوية أيضًا
يبتسمات وهما يتحلّقان حول بالونتهما الوردية
وأنا
كأي امرأة مصرية أصيلةٍ
أبتلع نظرات الآخرين نحوهما
وأنفثه أوامر بالكف عن الحياة
كي يسعد الآخرون
وينهزم طفلاي
المشكلة في المعرفة
قالها لي صديق ذات يومٍ بعيد ولم أفهمه
معرفة المرءِ تؤذيه أكثر من جهله أحيانًا
أنا أعرف أن لهما حقًا
وأن لي حقًا
وأنه ينبغي أن تطير العصافير معظم العمر
لكن قرص البعوض يؤلمني
فأروح أهشُّ العصافير دون قصد
عصفورايَ ناما الآن
تناولا أدوية الطبيب كلٌ حسب ميلليمتراته التي سجلتُها
في مواعيد محددة
شربا اللبن كقطتين مشاكستين
يرغبان الآن في اللعب قليلًا
أو كثيرًا ربما
لكنه موعد قطار النوم يا عزيزاي
انتهى يومهما سريعًا
وبدأ يومي الليلي ككل يوم
أعددتُ الساندوتشات،
قطعتي فاكهة
وبعض الخضر التي لن يأكلاها على كل حال
ملأتُ زجاجتيهما بالحب والماء
وضعتُ بعض الأدعية في حقيبتيهما
وبعض الأسف من أوامري الكثيرة أخفيتُه في حوض المطبخِ حتى يغرق
أكوي ملابسهما
التي لن يذهبا بها مطلقًا مفرودةً على كل حال
أمان يفترش الأرض بعد ارتدائه لها كل يوم
ورقيةُ تنكفئ على أوراقها تلوّن وتلعب
لا يغضبني ذلك الآن
يبتسمُ قلبي لهما
ككل أمٍ مصرية- وهما نائمان!
قلبي يحاولُ أن يبتسم نحوي أيضًا
تحاولُ بعض الرأفة أن تلمس روحي الغاضبة
تغلقُ عينيها
وتقول أمسكي بخيطكِ واصنعي منه حياة
بدِّلي قلبك الغضبان بقلب طفلكِ الصغير
هدهديه لينام
افتحي عينيك الآن
أنتِ فقط
مجردُ
امرأةٍ
متعَبة