الهم نفسك بنفسك

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 5
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

دينا المهدى

كثير منا ينتظر الإلهام ليعطيه دفعة إبداعية. وفي بعض الأحيان يشعر المرء وكأن الإلهام قوة غامضة تظهر أحيانًا وتختفي أحيانًا، ولكن الإلهام ليس شيئاً علينا أن ننتظره.

إذن، ماذا لو استطعنا أن نستدعي مصدر إلهامنا الداخلي متى أردنا؟ وماذا لو أننا كلما جلسنا لنكتب استطعنا أن نصل إلى تلك المنطقة السحرية حيث تنساب الكلمات على الصفحة؟

وأعتقد أن ما نطلق عليه كثيرًا “مصدر الإلهام” – أي القوة التي تغذي إبداعنا – ليس خارجنا بل هو كامن داخلنا.

وفيما يلي بعض الطرق لاستدعاء مصدر إلهامك الداخلي:

 

اكتب يومياتك

دوِّن باختصار الأشياء التي تلهمك أو تثير اهتمامك، والتي يمكن أن تكون أي شيء مثل: قول مقتبس من شخص مشهور، أو شعار إعلان، أو ورقة الحظ التي تجدها داخل بسكوتة الحظ الصينية. وفي بعض الأحيان يستطيع شيء عادي جدًا أن يشعل شرارة إلهامنا.

سجِّل الأشياء العابرة التي تلاحظها أو تتخيلها مثل: مقتطفات من محادثة سمعتها مصادفة في قطار، أو صورة أو ذكرى تطرأ على بالك فجأة، أو أي شيء يبهرك أو ينفرك.

وأفضل شيء يحدث عندما تحتفظ بدفتر يوميات في متناول يديك هو أن ترتبط بالعالم، وتصبح حاضرًا فيه، وأكثر تقبلاً له.

وإذا لم تكن كثير الكلام فالتقط صورًا، لأنه في عصر الهواتف الذكية أصبحت الكاميرا في متناول معظم الناس.

 

اكتب ما يحدث فورًا

سجـِّل أول أفكار تطرأ على ذهنك وأنت مستيقظ. ففي النهاية إذا لم تدون هذه الأفكار، فستصبح وكأنها لم تكن وستتلاشى. وأول اقتراح هو أن تبدأ في كتابة “صفحات صباحية”، وأضمن لك أن هذه العادة ستغير حياتك الإبداعية إلى الأبد، حتى لو لم تكن كاتبًا.

 

اكتب كتابات حرة لنفسك

الكتابة الحرة من أفضل الطرق التي أعرفها لإتقان الكتابة، وتعتمد فكرتها على أن تكتب دون توقف لفترة معينة من الوقت لنقل 10 دقائق.

وليس من الضروري أن تكون الكتابة سلسة وصحيحة من حيث القواعد اللغوية، فمن الممكن أن تتخللها أخطاء إملائية أو جمل غير مكتلمة لأن أهم شيء هو أن تستمر في الكتابة.

ويمكن أن تؤدي الكتابة الحرة إلى كتابة مبهرة. ولكن هذا ليس بيت القصيد لأن الغاية المنشودة هي العملية ذاتها لا النتيجة. فعندما نكتب كتابة حرة، نخترق مقاومتنا الإبداعية ونتخلى عن توقعاتنا بأننا سنكتب شيئًا بديعًا، أو منظمًا، أو حتى متسقًا.

وكتابتنا الحرة هي مساحتنا الخاصة غير الخاضعة للرقابة… إنها سقوط حر إبداعي!

 

اختر لنفسك قدوة تلهمك واستعر منها

أقصد بكلمة “القدوة” أي شخص كان حيًا أو ميتًا، مشهورًا أو غير مشهور، أو حتى شخصية خيالية.

وعندما تختار قدوة أو قدوات لك، ضع في اعتبارك الآتي:

أ) لا ينبغي أن تكون القدوة مثالية في جميع مجالات الحياة

ب) ليس الهدف أن تكون مثل قدوتك بالضبط

ففي الأيام التي أحتاج فيها إلى رفع ثقتي بنفسي – وعندما بدأت أتعلم التصوير – كانت إحدى قدواتي رائدة التصوير في العصر الفكتوري جوليا مارجريت كاميرون. فعلى الرغم من أنني لم أتوهم قط أن أعمالي ستحظى بالإشادة التي تحصل عليها أعمالها حتى اليوم، فقد ارتحت عندما علمت أنها – مثلي – بدأت التصوير وهي لا تعرف أي شيء عنه وتعلمت معظم ما يخصه ذاتيًا.

 

استمر في الانبهار بالعالم وبالناس الذين يعيشون فيه

بينما تمر بنا جميعًا أيام نريد فيها أن نرفع أيدينا في الهواء ونقول: “كفى!”، يظل العالم مكانًا مبهرًا.

وأنا أحب حقيقة أن العالم يتغير باستمرار وما زال هناك الكثير من الخير فيه، ولكن الانبهار بالعالم لا يعني فقط الانبهار بالأشياء الجيدة في الحياة بل يشمل أيضًا الاهتمام بالجوانب المظلمة منه.

وأعتقد أن هناك كمًا هائلاً من الجمال في بعض من أقبح جوانب الحياة.

وكثيرًا ما اكتشفت أنه حتى الأشخاص والأشياء التي لا أحبها تبهرني أو تثير اهتمامي، وأنا أعتقد حقًا أن أسوأ حالٍ يمكن أن يكون عليها شخص أو شيء هي الملل.

لذلك، لا تخشَ من تقبـُل الجانب المظلم في كل ما يحدث من حولك.

 

كوِّن مخزونًا عقليًا قويًا من الأفكار

اجمع دائمًا الكلمات والجمل والاقتباسات التي تستمتع بها، واسمح لها بأن تترتب ذاتيًا داخل مصفوفتك العقلية. وبعد ذلك حينما يحين موعد الكتابة كل يوم، تأمل في الفضاء واسمح للكلمات بأن تتجسد على الصفحة.

وبينما الكلمات تتراقص أمام عينيك، لا تسأل نفسك ما الذي “ترغب” في كتابته بل ما الذي يريد أن يُكتـَب. ستندهش… صدقني. ولن تقلق بعد ذلك أبدًا من نضوب أفكارك.

استرخ

الكتابة ليست عملية قائمة كليًا على الوعي، بل هي عملية حَدْسية. فعندما نحاول أن نسيطر على كتابتنا أو نستدعيها من خلال العقل فقط، ينتهي بنا الحال أحيانًا إلى الشعور بالانفصال العاطفي عن عملنا وحينها يتوقف الإبداع.

وتزدهر عمليتنا الإبداعية عندما نسترخي ونتقبل ما حولنا لأننا عندما نفعل هذا وننتبه إلى تلك الإشارات غير الواعية، نعي التجربة من حيث المعنى وندرك ما “يقوله” اللاوعي.

وفي الختام، من المدهش بالتأكيد أن تكون مصدر إلهام لغيرك، ولكن الأفضل أن تكون مصدر إلهام لنفسك، ليس فقط لأنك ستتحكم بشكل تام في النتيجة، ولكن لأنها قد تكون طريقة عظيمة لتتعمق في أغوار نفسك وتتعرف أكثر على قوتك الإبداعية.

دع عملك يتنفس… لا تتخلَ عن فضولك بشأن العالم… تخلَ عن فكرة أنك يجب أن تنتظر ظهور مصدر الإلهام قبل أن يُسمح لك بأن تكون متألقًا.

وبعد أن تلهم نفسك بنفسك، قد ينتهي بك الحال أكثر انبهارًا بذاتك الرائعة مما توقعت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة ومترجمة مصرية

مقالات من نفس القسم