الكلب الذي كان في الأصل تمساحاً

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ياسر سلطان

كانت تغطي وجهها بوشاح شفاف لا يكاد يظهر ملامحها، تجلس مكانها كتمثال رخامي كالح اللون، لم أتبينها لأول وهلة كأنها نبتت من فروع تلك الشجرة المتدلية فوقها. ولكني حين تحققت منها انتابتني رجفة، وخيل لي أنها تحدق فينا. بعد خروجنا من ذلك الطريق المحاط بالأشجار قفزت إلى رأسي أنا وصاحبي تلك الفكرة الجهنمية: لماذا لا نقتل تلك المرأة؟ .. كانت الشمس قد اقتربت من خط الأفق, والطريق خالياً من المارة، فلن يُكتشف أمرنا, ويبدو أنها بلا مأوى, فلن يفتقدها أحدهم. لا أدري كيف انفتحت طاقة الشر هكذا في رأسينا معاً, وفي نفس اللحظة, من دون أن نتفوه بكلمة. لم نستغرق كثيراً, عدنا أدراجنا على الفور مصطحبين كلبنا الذي كان في الأصل تمساحاً يخيف الناس في بحيرة ما لا أذكر اسمها. بحثنا عن المرأة فلم نجدها، توغلنا في الطريق مرة أخرى، لكننا لم نعثر لها على أثر. 

ألح عليً السؤال فجأة: هل كنت أنوي حقاً قتلها؟ حينها تسمرت قدماي، بينما استمر صاحبي متوغلاً بين الأشجار، لم تمر لحظات حتى رأيته يهرول نحوي كمن رأى شبحاً، فداخلني الخوف، عدوت معه بكل ما أوتيت من قوة.

-هل وجدتها؟

لم يرد..

-هل قتلتها؟

لم يجب صاحبي, وظل يعدو مرتبكاً في لهاثه. سرعان ما عرفت سبب خوفه حين ظهر كلبا صيد شرسين يعدوان خلفنا. عندما وصلنا إلى نهاية الطريق تراجع الكلبان، لكننا لم نعثر كذلك على كلبنا، ذلك الكلب الذي كان في الأصل تمساحاً يخيف الناس في بحيرة ما لا أتذكر اسمها الآن.  

مقالات من نفس القسم