في الكتاب، تُسقط تلك المخاوف على الفأر لنرى أنفسنا فيه ولتحقق ما كتبته عن الخوف الذي يشعرنا بمدى ضآلتنا أمامه، لذا فلنواجهه ونجعله مهزوماً أمامنا بالكتابة والرسم والكولاج، إذ يعتمد الكتاب على اسكتشات عفوية لتصورات الأفكار في مواجهة صادقة لتلك المخاوف فلا يوجد تدخل للألوان فقط الأسود والأبيض والدرجات ما بينهما، وليظهر اللون الأحمر في قلم أمسك به الفأر في صفحات الكتاب جميعها، فهو هنا من قام بتسجيل اسكتشاته فيما يشبه الدفتر اليومي لاسكتشات الرسام مصحوبة ببعض الجمل البسيطة. فلتكون الصفحات البيضاء هى أرض للمعركة ولنهزم الخوف مع ذلك الفأر الصغير فسلاحه الكتابة والرسم ..”فالخوف المواجه مهزوم” ولنكن ذلك الشخص الكامل في صورته الأولى .
وهنا وأمام هذا الكتاب الذي هو للأطفال أجدني كطفل كبيرامسك قلمى مع الفأر في تلك المساحات البيضاء التى تركت عن قصد لتشارك أفكارك فيها، فأشاركه أنا أيضاً مخاوفى، وكرسامة لقصص الأطفال أفكر في هذا الكتاب الذي يتناول موضوعاً هاماً للأطفال بكل بساطة وعمق ، فإذ تكتب لنا الأسم العلمى لنوع الخوف الذي سنواجهه نجد أننا أمام صفحة تعتمد على الرسم والكولاج. اذا فالرسم هو بطل هذا الكتاب– كدفتر الاسكتشات اليومى للرسام – بالرغم انه لم يغرق في تفاصيل المشاهد إلا انها نابضة بحيوية الخطوط التى جعلت الرسم حياً، فتشعر باتحادك مع الفأر بتعبيراته المذعورة. بالإضافة إلى قصاصات الأوراق والصور التى أغنت صفحات الكتاب.
فالفأر يعلق بشبكة من خيوط العنكبوت ولكنه يتمسك بسلاحه، قلمه الأحمر، ويكتب أنا أخاف العناكب. فأنت تقف أمام المرأة… والصورة واضحة، فالخوف مجسد هنا ..لنواجهه إذاً. فكل ما تفكر فيه من أشياء خفت منها وأنت طفل صغير أو حتى الآن كطفل كبير ستجدها هنا، فالأشباح التى كانت تنظر كأسفل السرير والخوف من النوم وحدك يواجه ايضا فأرنا الصغير، ولكنه بعد رسم وكتابة هذة الصفحة يطويها فينتقل إلى خوفه من الماء والإستحمام في لقطات متتابعة متمسكا بقلمه فلن يغرق أو يتعرض لحادثة .وبالقرب من بندول الساعة يهرب من صوت دقاتها التى تفزعهفيقفز إلى قصاصة لأرقام الساعة مهتزة فالساعة تدق فيهتز الفأر متأثرا بشدة الصوت وكذا أرقامها وفي الخلفية قصصات لنوتة موسيقية فالنغمات الحادة التى تشبه احيانا في دقاتها الساعة بصوتها العالى يواجه معها الفأر مخاوفه من الأصوات العالية.
ومن منا لم يفضل الجلوس وحده بالظلام، ولكن هكذا بكل بساطة وذكاء لمواجهة هذا النوع من المخاوف يظهر الفأروحده مرتعبا من مواجهة صفحة سودا ء.وفي مواجهته لخوفه من المرتفعات والتيه،ارفق بهذه الصفحة خريطة على شكل فأر فيتأرجح عليها الفأر الأبيض متمسكا بمشبك يجعل الخريطة مرفقة بالصفحة..واذ ينجو الفأر من تلك الصفحة إلى اخرى يواجه فيها مجموعة من الريش تتحول إلى شخصيات شريرة لها نظرات حادة وأسنان مصقولة وفي الخلفية تظهر البومة في وضع انقضاض على الفأر الذى هرع يجرى منها، خوفا من أن تأكله .ويخبئ عينيه بيديه الصغيرتين من ظله الكبير فهو لم يفكر من ذى قبل كم هو صغير أمام ظله هذا الرمادى الكبير الذى يشكل خلفية الصفحة ليواجه هنا خوفه من الظل ومن كل شئ يراه . يدمج ما بينخوفه من الكلاب والقطط معتمدا على مجموعة من اللقطات الفوتوغرافية للقطط يجمعها بجسدها ولكنك تستطيع تغيير الوجه من كلب إلى قطة، ولكنها تركز أكثر على الخوف من القطط فيظهر الفأرالمسكين يقضم في قلمه لكن وفي آخر صفحات الكتاب حيث يتبدل الحال حيث تظهر أقدام شخص فوق كرسى بينما الفأر يظهر سعيدا قائلا: وهى تخاف منى ..ينتهى الكتاب بشهادة يقدمها الفأر ممسكا بقلادة لذلك الطفل الذى كان شجاعا للغاية في مواجهته لمخاوفه .
فلنستخدم الكتابة والرسم دوما لنسجل ..نواجه ..ونهزم تلك المشاعر السلبية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المقدمة من وحى قصيدة محمود درويش” الخوف”
*لمتابعة المزيد من أعمال ايميلي جرافيت
http://www.panmacmillan.com/author/emilygravett