القصيدة الأنويّة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

1.

صرخَ الطاغيةُ الأرعن

مُحَاطاً بحاشيته وجلّاديه وكلابه:

أنا

أنا

أنا.

فالتهبت الأيدي بالتصفيق،

واغرورقت العيونُ بالدموع،

وامتلأت الحناجرُ بالهُتاف.

2.

صرخَ المطربُ المشهور

مُحَاطاً بالأضواء البرّاقة

وبفرقته الموسيقيّةِ العملاقة:

أنا.

فملأتْ مُعجباتُه المراهقاتُ القاعة

بالصفيرِ والصراخِ وصيحاتِ الإعجاب.

3.

صرخَ المجنونُ: أنا.

وَصَمت.

فضحكَ الناسُ طويلاً.

تركَ المجنونُ أناه تسقطُ فوقَ الأرض،

وبكى.

4.

قالَ الماضي:

أنا أسكنُ في الماضي أبداً

فكيفَ لي أنْ أعرفَ: مَن أنا؟

5.

قالَ الحاضر:

أنا ساعاتٌ

تتناثرُ هذي اللحظة في الريح.

مَن يجمعها لي كي أعرفني.

6.

قالَ المستقبلُ: أنا لا أنا لي.

لأنّي لم أزلْ

في كهفِ الغيب.

7.

قالت الزهرةُ: أنا.

فضحكتْ مِنها النحلة.

8.

قالت الكأس:

أنا الخمرةُ أو السمّ،

أيّهما أقرب مِن شفتي.

9.

قالَ الحرفُ: أناي النقطة،

فهل سألت النقطةُ: مَن أنا؟

10.

قالَ السرُّ: أنا السين

لكنْ ما مِن راءٍ لي.

11.

في خاتمةِ رسالةِ حُبٍّ

طارتْ في الريح،

خاطبَ العاشقُ معشوقته:

يا أنا……………….ي.

12.

قالت الريح:

أناي لا اسم لها ولا عنوان

ولا حتّى ذكرى.

13.

قالَ غرابُ نوح: أنا.

وتركَ السفينةَ في موجٍ مُتلاطم

والناسَ في هَلَعٍ مُتلاطم.

ضحكَ قليلاً،

وصفّقَ بجناحيه طويلاً،

وحلّقَ فوقَ الطوفان.

14.

قالتْ حمامةُ نوح: أنا

حلمٌ يمتدُّ إلى ما شاءَ الله.

وعادتْ بغصنِ أنا الزيتون،

أي عادتْ بغصنِ أنا الماء.

15.

قالَ أخوةُ يوسف: إنّا نحن، إنّا أنا.

وألقوا يوسفَ في البئر،

ومضوا لأبيهم بدمٍ كَذِبٍ.

فبكى يعقوبُ على أناه

حتّى ابيضّتْ عيناه.

16.

بعد رحلته الكبرى،

قالَ كلكامش

وهو يمسكُ عشبةَ الخلودِ: أنا.

نعسَ فنام.

فاقتنصت الأفعى الفرصة

وسرقتْ منه أناه.

17.

قالَ الحلّاج: أنا هو وهو أنا.

ومحبّتُه سرّي الممتدّ

مِن أقصى الكونِ إلى أقصاه.

18.

قالَ الدهرُ: أنا.

لم يسمعْه أحدٌ أبداً.

لكنَّ صدى صوته

ظلّ يتردّدُ في كلّ مكان

إلى ما شاءَ الله.

19.

قالَ الموتُ: أنا.

فامتلأت الأرضُ بجُثثِ الناس.

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني