السينفونية التاسعة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إيمان السباعي

كل ما خارج هذه الغرفة فوضى ألوان لزجة حيوان هلامي يبتلع ضحاياه فتقرقع امعاؤه في دويّ كوني مرعب.هكذا فكر المريض في غرفة طبيب الأسنان،تشبث بالكرسي –الشيء الوحيد اسود اللون في المكان-عندما طلب الطبيب منه المغادرة،تشبثت يداه المرتجفتان بيد الطبيب ناصعة البياض بخطوطها الزرقاء الرقيقة وشعيراتها التي تصنع في تداخلها أشكالا غريبة.

يشرح له الطبيب كيف تكونت كل تلك التكلسات لتسد قنوات ضرسه المحاصر بالكائنات الشرسة

يقول المريض:أرجوك لا تدعني أغادر الغرفة فكل شيء هنا في مكانه ولا توجد أرائك كبيرة تبتلعها كتب عملاقة..اللون الابيض هو لوني المفضل..هل تعرف؟

ابتسم الطبيب ابتسامة من عرف كل شيء فتشجع المريض الذي شعر لأول مرة أنه وجد ضالته..متى بدأ الأمر إذن؟لا يذكر المريض بالضبط ،عشرات مئات ربما آلاف الأعوام من الوخز المؤلم البطيء الذي يتسارع إيقاعه فجأة..يتذكر..يتمتم فيما يشبه الهذيان: المسكنات الداكنة والشفافة، الأقراص والحقن المنومة،ا لألم..الألم..

يحّدث الطبيب عن الزيارات العديدة للغرف البيضاء التي عشقها ووجد صعوبة بالغة في مغادرتها،تملك الرعب ذوو المعاطف البيضاء عندما رأوا الكائنات السوداء تعاود الظهور والتكاثر بسرعة مذهلة كلما ظنوا أنهم قد قضوا عليها بماكيناتهم الكهربائية وأدواتهم الحادة..أما هو فلم يعد يذكر متى توقف عن تعاطي المسكنات ومتى بدأ هذا الوخز المؤلم يترك في جسده أثرا غير ذاك الأثر القديم

كان جسده يرتج منتشيا كما كان يحدث بعد التحامه بجسد عشيقته التي غادرته بسبب الخوف أو الموت وفي أغلب الأحيان كان يبالغ في ارتجاجه حتى يغيب عما حوله ويسبح في بحيرة بيضاء من ضوء غامض. استمع إليه الطبيب وعلى شفتيه ابتسامة من عرف كل شيء وتركه يتشبث بيديه اللتين  اسودت عروقهما وسقط لحمهما ولم يتبق لهما معا سوى عظام رقيقة تعزف من أجل الألم.

 

خاص الكتابة

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون