السمسمية: “تعالى جانبى”

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 30
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد الفخراني

بنت سواحلية بفستان أزرق بَحَرى، محبوك بخفَّة على وسطها، وكرانيش لطيفة فى الذيل، وحذاء من قماش أزرق سماوى، مبتسمة، حلوة الروح، وفى عينيها لعب ومزيكا وقوارب صغيرة، إنها السمسمية، أميرة العصارىِ والمغربية.

السمسمية، بنُّوتة بحرية، تعزف فيعود البحر شابًا، يفتح كنوزه، يتنازل لها عن عمره كله دفعة واحدة، البنُّوتة، الدلوعة، لن تعرف إن كانت تضحك أم تبتسم، تعزف السمسمية، برشاقتها، حلاوة روحها، وابتسامتها الدائمة، فتنثر بذور السمسم على الأرض، وألوان البهجة فى الهواء، تشعر أنها تعزف بداخلك، أوتارها مشدودة داخل صدرك، فى مساحة مبهجة من روحك، أو أنها تخلق مساحات جديدة للبهجة.

رقصة السمسمية لذَّة خفيفة، عطر تراه يرقص أمامك، روح البحر، رقىّ وعذوبة، وجمال يلمس جسمك وروحك.

من أجمل المناظر: بنت سواحلية، لها جسم يشبه روح السمكة، فى فستان أزرق، به لمعة خفيفة، له كرانيش لطيفة تنتهى عند منتصف ساقيها الممتلئتين قليلاً قليلاً، وفى قدميها حذاء خفيف من قماش، ربما به نجمة كلاسيكية، أو وردة كلاسيكية، تتماوج فتاتنا الطيبة مع إيقاع السمسمية، جسمها اللطيف ينطقُ لغة البحر، حركاتها بهجة ناعمة، وفَرَح راقٍ.

تنظر إلى راقصة السمسمية فتشعر أنها “قريبتك” اللطيفة، التى تراها مصادفة على فترات متباعدة، أو هى قصة حب محتملة، مخلوق لطيف وقريب منك، رقيق، مبهج، ومغوى بجمال ورُقىّ.

من أجمل المناظر: رجل سبعينى يجلس على صخرة قُرْب البحر، رأسه ملفوف بشال ملون، ويضع سمسميته على ركبته كأنها حفيدته، كأنه حفيدها، لن تعرف وقتها على تعزفه أم يعزفها، يعطف كل منهما على الآخر، ويمنحه حب عمره.

سيسعدك أن تتفرَّج على رجل ستينى فى بنطلون من قماش أصفر لامع، أو فضّى، أو أخضر، أو أىّ لون يختاره لنفسه، مع صديرى مفتوح، ستِّينى ممتلئ، ربما بكِرْش واضح، لكنه من الخفَّة بحيث يكاد يطير، وهو ينقل قدميه فلا يكاد يلمس الأرض، دون أن تفارقه تلك الابتسامة الدائمة.

أنت لا تحتاج إلى جسد متناسق كى ترقص على السمسمية، ربما أحيانًا، سيكون من الجيد ألا يكون جسدك متناسقًا، رغم أن إيقاعها فى معظم الأحيان يميل إلى السرعة، لكنها متفهِّمة، رشيقة، ويمكنها أن تتناغم مع الجميع.

ربما يكون غريبًا، أو هو رأيى الشخصى: كلما تقدَّم راقص السمسمية فى العمر كلما كان رقصه أجمل، ربما هو التناغم بين خفَّة السمسمية، وخفَّة روح المتقدمين فى العمر، وقد تخلَّصوا من الأثقال التى ما زال غيرهم يحملها، ربما هى طبيعة السمسمية فى قدرتها على أن تُخرِج أجمل ما فى الجسم، كل الأجسام معها جميلة، كل جسم يمكنه أن يتناغم معها ويكون جميلاً، هى ستصيب كل روح بالبهجة إصابة بالغة ومباشرة، السمسمية تمنحك الرقص والبهجة والجمال، أيًا كان شكلك أو حالك أو طبعك.

رقص السمسمية، فى جزء كبير منه أداء تعبيرى عن الحركات والإشارات الجسدية أثناء عمليات البيع والشراء أو التبادل التى تتم داخل البحر، بين أصحاب القوارب الصغيرة والسفن الكبيرة العابرة.

كأن السمسمية كانت يومًا فتاة فى مقتبل عمرها، وعليها أن تختار بين أن تصير للأبد آلة موسيقية، أو قصة حب، فاختارت أن تكون آلة موسيقية، وبهذا صارت آلة موسيقية وقصة حب، وفتاة ستظلُّ فى مقتبل عمرها.

تلك الرَنَّة البناتى فى صوت السمسمية، فى صوتها ابتسامات وضحكات بنات خفيفات الروح، تبدو لى وكأنها البنت المُدلَّلَة لكل السواحلية، البنت التى تُسعد لياليهم، وكأن بداخلها كل أرواح البنات السواحلية، ابنة الجميع، وحبيبة الجميع.

أو أن السمسمية زميلتك فى المرحلة الثانوية التى اختفت فجأة، ربما لتتحوَّل إلى آلة موسيقية، عندما تنظر إلى السمسمية ستتساءل أين رأيتها من قبل عندما كانت فتاة، وعندما تسمعها، ستتساءل أين سمعت هذا الصوت المُبهج من قبل.

لو أن كل مخلوق له آلة موسيقية تُعبِّر عنه، عن روحه، فالسمسمية هى.. لا، ليست الآلة الموسيقية للبحر، إنها الآلة التى تخصُّ تلك المساحات من الشاطئ التى يغمرها الموج للحظة ثم يعود للبحر، مساحات خاصة جدًا، حدودوية جدًا، تتجدد كل لحظة، كل موجة، وكل نغمة.

تظل هذه المساحة من الشاطئ موجودة، متجددة، طالما هناك سمسمية واحدة تعزف فى هذا العالم، بدون السمسمية، تختفى هذه المساحات العبقرية، ويفقد البحر صوته، محظوظ البحر، فالسمسمية لن تتوقف.

جزء من رشاقة هذا العالم، وبهجته أن به صوت السمسمية، إنه ذلك الركن البرتقالى، الذى تُلوِّنه شمس الغروب، وتعوم فيه نسمة لطيفة، ركن عزيز، مبهج، وملىء بالحياة.

السمسمية، بنت سواحلية، بخفَّة روحها، رشاقتها، دلعها، ومكرها المكشوف الذكى، غير اللئيم، أجمل ما فيها ابتسامة دائمة، تتمشَّىَ حافية على الشطّ وقت العصارى، والمغربية، بنت يبوس البحر قدميها الخفيفتين، تمشى السمسمية على وجه البحر، تطير داخل أحلامه وزُرقته، تعوم مع أسماكه، وقواربه، ويتماوج هو مع موسيقاها، بنت يمشى معها البحر، يكاد ينسى روحه معها، فتعيدها إليه وهى تضحك “نسيت روحك معى يا بحر”، فيبتسم ويقول “أحب أن أنسى روحى معك، أحب أن أنسانى معك”.

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار