أحاول أن أتامل اللحظة
حين ركنتُ نفسي إلى استيراتيجية اختفاء الأسرار
لا تفسير أحلام ولا أبراج ولا حتى الاهتمام بأسماء مَن أحبهم
وكلما كتبتُ في الرواية جملة واضحة
اعتصرتها هزيمتي أو ألمي
همس كونديرا في أذني: عالم خَرِبٌ جمالياً.
فصعدت السلم
وذهبت للعمل
واعتدت القهوة والسجائر والمرور على الآلام والأفراح
كأن الحياة زجاجة مكسورة معلقّة في باطن حذائي مع ثقل السماء إلى الأبد
وما تثيره كلمة معنى بداخلي
ليس أكثر
من طبق فارغ
أتى عليه الجشع…..أو يئس منه الفقير
لا فرق؛ المهم أنني أخفي كل شيء وأتنهد
أقول: الرواية. وأعرف ما أخفي
كنبت خشخاشاً يحترق طوال الوقت في صدري
بدأ في تجديد أبخرته وأنا صغيرة….
منذ الرواية، الأولى التي حظت بنفسها داخل نفسها
ولم أقرأ نهايتها حتى الآن
وأحببت مزيج الرعب والرهبة والإحساس بالذنب
تجاه نهايتها
أيوة؛ قرأت رواية نيتوتشكا نيزفانوفا عشرين مرة ولا أعرف كيف انتهت
حتى انتهت بالعزوف عن نهايتها
وقبل أن يرسم الخشخاش لوحته في ذهني
وأقول عن حفنة أوراقي البيضاء
أي ورقة بيضاء فارغة ولو على الطريق
هي تخص الرواية
قبل ذلك كله
كان ثمة رواية ضخمة مغلفة بنزيف أحمر وبعض الرسومات الصاخبة نفسياً
كان اسمها
يحفر بداخلي ممرات طويلة أكثر تعقيداً
من الصور التي أراها قبل أحلامي
اشتريتها
كنت أمتلك الخوف الكافي لشرائها
لكن لم أمتلك الرعب الكافي لارتكاب قراءتها
ثم صارت بعدها بعدة سنوات
قريبة من عقلي
بمجرد اسمها
كأنني أجترح نظرية معرفة جديدة
جاهلة تماماً بأحداثها
ولأنها حديثة بعض الشيء
كنت أسمع أصدقائي يتناقشون حولها
أسمعهم بعين العارف الخبير.
(لا تصدر تلك العين إلا عند الجهل المسنود على إحساسه الخاص)
لي يقين شديد بها
تذّكرتها لانها تشبه في وقفتها الشريدة هذه، روايتي؛ الرواية. ألا تذكرها: آه أنا أيضاً لا أذكر.
المهم أني حتى الآن لم أقرأ الرواية ذات النزيف الأحمر
لكن ما إن أجد شلة من أصدقائي
يندبون حظهم العاطفي
آخذ آلامي منهم التي لا أتكلم عنها وأقول في سري: آه الرواية.
ثم أمازحهم بعين العارف الخبير
وآخذ آلامهم ضاحكة
أشير لهم بالسبابة
كأنه مسحٌ شاملٌ لهوية أصدقائي
وأقول: هاهاها ..عشاق خائبون..هاها رواية لإيهاب عبدالحميد
يسألوني هل أنجزت عملي
أي عمل؟
آه…. الرواية
أنظر إلى اطمئناني لذلك العمل وهو يقبع مُجدِداً قيده في التأجيل
وأتحسر
كم عشتُ بعيداً عن روايتي
في عالمِ خرِب جمالياً.