الرقيب رمزي

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 45
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حسين عبد الرحيم

له دقائق خمس يقف في شرفة المطبخ، وحده، مثل كل يوم. وبطء دخان سيجارته السارح للسماء، وضغطة على زر مجهول يأتي بالظلام فلا يبين، إلا شعلة بفمه، بوهج أحمر يبرز جبينه اللامع بالعرق. له ربع ساعة. له ساعات.. ليال، سنين.

هو جاري. قريب مني في العمر. تقول ذلك نبراته وهو ينادي طفلته. وقت أن تاخذني الدهشة مطلا من فرجة نافذتي منصتا للرياح الآتية من المنور الخرس، لا صوت هناك لأطفال ولا ثمة عائلة تقيم. ليس هناك في الأفق إلا شبح لظل رجل يخاف النهار والضوء. يحدث نفسه في الليل على وقع زعيق المرأة الحلبية التي تسكن الجربين وتضرب وليدها المسخوط كل ليلة في حمام الدور الارضي..تزعق حتى يردد كل من يعبر قبل الخلوة قبل الفجر. يا الله.. يالطيف.؟!!

لم يغير ملابسه منذ أن أتى إلى هذا البيت، قيل إنه كان يعمل بالبحر ودائما ما يغني للقمر. ولذا فهو دائم الإنصات لوشيش ما في أذنه، جعله لا يفرق بين الليل والنهار. في طريق مشيه، دائما لايرى إلا الغمام..يسير في هالات رمادية، وقد توقفت خصلات شعره كدبابيس حادة برؤوس من نار، تسرج في الغمام، تلاحقه وهو شبه يقظ شبه نائم شبه متخيل لكنه يحيا ويعرفه آخرون كثر وينتظرون ركضه وحده حتى يتأملون ملامحه من بعيد وهو يحدث نفسه، قبل عينيه المفتوحة على اتساعها، يفرد ذراعه الأيسر قبل السطوح البعيدة. مهوش الشعر وقد توقفت ياقة قميصه في العتمة حتى حسبته خيالا لشخص مجهول يسكن أمكنة أخرى. غير تلك التي تتشبث بها قدماي والذي أقف على أرضيتها المستوية.. وقيل إنه مريض بالشيزوفرينيا. وله قرين. يشبهه، يقيم بعمارة فرحات في الشوارع الخلفية قبل منزل الارض الواطئة، بالقرب من من أوعية مرسى الزهراء.

وقيل كثيرا من تلك النسوة اللائي يتأملن انتصاب جسده الفارع طوال الليال من هوات النوافذ القديمة، ليحكين لبعضهن البعض في ساعات النهار وهن يغسلن الأواني، حتى وهن يتحممن. لا تنقطع سيرة الغريب الذي يقف منتصب الياقة وعينه للسطوح مخاطبا قمر ا مخفي لا يرى ولا يبين…. في محيطنا منذ أن سكن على أطراف المدينة. اليوم حكى عنه الشيخ مردان بعد صلاة الفجر، قال إنه مصاب حرب كما سمع من ضباط قدامى وأنه عاد من سيناء حافي القدمين في العام السابع والستين وقد استغرقت رحله وصوله للبلاد سبعة وعشرون يوما انقضوا في الزحف فوق رمال يوليو.. ساخنة وبارده وهو يزعق للسماء مرددا: ك 3 يافندم….سأعود لبلادي قريبا يارقيب رمزي.، تأمرني يا فندم ؟!1…. الدبشك لصق كتفي والضرب فردي باستمرار حتى تاتي الأوامر بجديد..؟!!..

وهذا رغم أنه كان يزحف وحده في الخلاء ولا رفقة له إلا بعض الجنود الذين فقدت أحذيتهم وتعروا فلازموه رحلة العودة في صمت حتى وصلوا جزيرة المنيب بعد ان اختبأوا قبل تاجر أغنام ثري في دهشور.

يتبع.

………………

*من سيرة الكاتب.

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون