أتأمله طويلا، لكم أتضائل أمامه.. لو تحرك ذلك العملاق لصنعت حركته ريحا ً وعصفت بى من أمامه، لكنه هناك.. يقف صامدا.
لوقت قصير لم أكن حتى أتخيله.. هنا أرى على البعد من فوقه بعض الحصى الذى يتساقط، لم أتبين من أين يتساقط بالضبط.. لكن هذا الحصى هل سقط حقاً من ذلك التمثال.. الضخم .. العملاق.. حصاة أخرى.. هل حقاً هذا ما أراه ؟! هل يتهاوى ذلك العملاق.. الكامل.. يتهاوى أمامى.. تسقط حصاة أخرى، لا.. بل قطعة حجر، بتلقائية أتراجع، لكنى لازلت أقف أمامه، أنظر.. يسقط حجر قرب قدمى.. تتزايد وكأن السماء تمطر أحجارا فوقى.. يحدث ذلك الضجيج.. تمتلىء الأرض حولى بالحجارة، يمتلىء ويعم المكان حولى الغبار، أنظر إلى التمثال ثانية.. لم يعد كذلك.. لقد سقط معظمه، أتناسى وأنا أنظر إليه الابتعاد عن الأحجار المتهاوية، يسقط حجر صغير على قدمى .. تؤلمانى، أنظر إلى ما بقى من ذلك العملاق، أتألم بشدة.. لقد سقطت قطعة حجر منه على ذراعى الأيمن، هل كسر؟! تسقط قطعة أخرى على كتفى، أتألم، أنظر إلى أعلى فى خوف.. وسط هذا الكم الهائل من الحجارة والأتربة حولى، لقد تغير كثيراً.. قل حجمه، معظمه يرقد حولى على الأرض، هنا تتزايد الأحجار المتساقطة بتلقائية، مرة أخرى أبتعد وأتقهقر للوراء.. أعدو.. تزداد خطواتى مسرعة، أبتعد.. أحافظ على ما بقى من جسدى بلا إيذاء.. أسمع خلفى صوت الحجارة المتساقطة، ذلك الصوت الذى يصم أذنى، أتوقف.. التفت وأنظر إليه.. أجدنى أنظر إلى العدم، لم يعد هناك تمثال، للحظة كان موجوداً شامخاً، ثم لم يعد، لقد صار آلاف القطع الصغيرة المتناثرة هنا وهناك، أنظر إليه، لكم كان شامخاً ومهيبا.
ـــــــــــــــــــــــــ
نشوى سعيد
قاصة – مصر
ـــــــــــــــــــــــــ
اللوحة للفنان: عمر جهان
خاص الكتابة