الأفكار تُفَكِّر فينا

محمد الفخراني
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد الفخراني

ما الفكرة التى تُحِبُّ أنت أن تُفكِّر هى فيك؟

ما الفكرة التى تُحِبُّ أنت أن تَكتُبك هى؟

تكون أنت عالَمها المُفَضَّل، أنت المُفَضَّل لها؟

وكيف تُحِبُّ أن تَكْتُبكَ؟ فى شَكْل قصة أم رواية أم قصيدة؟

هل تُفكِّر الأفكار فينا مثلما نُفَكِّر فيها؟ وتبحث عَنَّا مثلما نبحث عنها، هل تمشى فى شوارعها وتجلس على الأرصفة وفى المقاهى، وتَنْتَبه من نومها (إذا نامت) لتُسَجِّل عَنَّا شيئًا فى ورقة أو هاتف، أو فى راحة يدها أو ذراعها أو وسادتها أو قطعة من ملابسها أو أىّ شيء آخر، هل تتكلَّم عَنَّا مع نفسها؟ هل تُكَلِّمنا وتتخيَّل ما نَرُدُّ به، ونقوله لها، هل تدعونا إلى قهوة وشاى أو أيٍّ ما تُفَضِّله هى وتتوقَّع أننا نُفَضِّله؟ هل تمشى لأجلنا على الماء وفى النار والجليد، وتطير فى الهواء، وتتسلَّق أشجارًا وجبالًا وتخترع ألعابًا، هل تمشى تحت الأرض وفى قيعان البحار والأنهار وداخل الغابات، هل تغادر الوقت والأماكن كلها، وتفعل ما لا يَخطُر على بال؟

يا هل ترى.. أىُّ فكرة تتكلم عن كل واحدٍ وواحدةٍ مِنَّا الآن مع نفسها؟

تَخَيَّل، تَخَيَّلى، أنَّ فكرة تُفكِّر فيك الآن، وهى سعيدة لأنها تعرف أكثر عنك، هي تُحاوِل أن تعرف عنك أكثر، وكل شىء تعرفه عنك يُفْرحها أكثر من أىّ شىء.  

كيف تُحب أن يكون أسلوبها فى الكتابة عنك، شَكْل هذه الكتابة، لُغَتها، إيقاعها، ألعابها، هل تُفَضِّل، تُفَضِّلين، مَنْح نَفْسك بسهولة لفكرتك، أم..؟    

هل نكتب نحن أفكارًا بعينها لأننا فقط مَنْ نُحبها ونَهتمُّ بها، أم لأن هذه الأفكار أيضًا تُحبُّنا وتهتمُّ بنا بشَكْلٍ خاص؟

تَخَيَّلى، تَخَيَّل، لو أن كل فكرة نكتبها، هى أيضًا تكتبنا فى اللحظة نفسها، كلما نكتب جملةً عنها، فإن الفكرة أيضًا تكتب جملةً عَنَّا فى الوقت نفسه، كلما عرَفْنا عنها شيئًا، عرفَت هى عَنَّا شيئًا فى المُقابِل، كلما مشينا فى الشوارع أو جلسنا فى مقهى، أو فَعَلنا أىَّ جنون أو عبقرية، فإنها تفعل ما يُقابِله.

فكرة تُفَكِّر فينا.. تأخذنا فى حضنها وتحت جلدها ومطبخها وحمَّامها وشوارعها وسريرها ومقاهيها وأماكنها السرية وعقلها وقلبها وجسمها ووقتها وروحها، نكون أقرب إليها من أىّ أحد، ومن أىّ شىء، نكون العالمَ الحقيقى بالنسبة لها، وما غيرنا ليس حقيقيًّا، وتتكلم إلينا باسْمِنا، تُطارِدنا وتُدَلِّلنا وتشتمنا وتُصاحِبنا وتتشاجر معنا وتُصالِحنا وتتمنَّىَ لو تتخلَّص مِنَّا، ولا تتنازل عَنًا أبدًا، وتدفع كل شىء لأجلنا، تَبذل كل شىء لأجلنا بحب، وتُخْلِص لنا وتَثِقُ بنا وتُصَدِّقنا، نُصيبها بالجنون والجمال، وتُحبُّنا وتعشقنا، وتنادينا بأسماء لا يعرفها غيرها، تلعب معنا وتُجَرِّب معنا وتتألم معنا وتفرح معنا وتبتسم وتبكى وتضحك، وتَدْخل معنا إلى اللذَّة والمُتعة، وتُجرِّب معنا كل المشاعر والحالات، كل هذا ونحن لا نعرف.. أو أننا نعرف.. بطريقةٍ ما نعرف.

الأفكار تُفكِّر فينا؟ طبعًا.. جدًّا.. الأفكار تُفكِّر فينا.

 

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار