استراحة أبدية

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عبد الرحمن أقريش

الأصيل.

يوم خريفي جميل وهادئ.

يعبق المكان بماء الطيب، ورائحة النباتات الندية…

كانت الجنازة حقيقية، والموكب كبيرا ومهيبا، يليق بمكانتي قيد حياتي.

كنت أرى المشهد مقلوبا من الجهة الأخرى، ولكنني كنت في قمة الصفاء الذهني، أرى الأمور بكثير من الوضوح.

بدا المشيعون في حالة روحية من الصمت والهدوء الحزين، ربما بسبب حضور فكرة الموت…

فكرت.

  • الحزن في مثل هذه المواقف هو حزن على الذات، أكثر منه حزن على الفقيد…

في الحقيقة لم تكن حالة الحزن عامة، فبعضهم لا يبدو حزينا، بعضهم يبدو هادئا، بعضهم يبدو واجما، غائبا ومستغرقا تماما وكأنه يفكر أو يستعيد ذكريات بعيدة وعصية، بعضهم ترتسم على ملامحه ظلال وخطوط لتعبير غريب، شيء يشبه الابتسامة، هذا النوع من التعبير الذي لا نفهم أبدا معناه.

ولكنهم جميعا يحاولون الانسجام مع طبيعة الموقف.

ثم أخيرا غادروا، غادروا تباعا على شكل جماعات صغيرة، وكنت أسمع خطواتهم العجلى وهي تبتعد.

المساء، تفقد الشمس حرارتها، تميل إلى المغيب، تتوارى، تهب نسمات هادئة من جهة الجنوب.

في الخلفية بعيدا أسمع صوت البحر وصوت النوارس وهي تغدو وتروح، ثم يرتفع صوت المآذن، يعلو، يتمدد، تحمله الريح، تعبث به، يسافر ثم يعود رجعا بعيدا.

كنت يقظا تماما، تفاعلت بداخلي مشاعر متناقضة…

فكرت.

  • البحر والريح والنوارس وصوت الآذان، إنها توابل لاستراحة أبدية…

خاطبت نفسي.

  • سأكون سعيدا، فالمكان هادئ ومريح، ويناسب شيخوختي ورغبتي في العزلة والانقطاع إلى الذات.

 

مقالات من نفس القسم