إيرين

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

القاسم موسى 

قال صديقي

طفت بالبلاد من شمالها لشرقها

لأحضر القربان خلف ساقي

وأجلس الآن بلا ساقين

وحين قالوا إنما هذا مجاز

قال الزّماني :نحن نحيا فى مجاز

 كنت مع أربعةٍ وحيدًا

جلست فى منتصف البحر قليلًا

وعدت للضفة

عند جسد المراكب

يردَّد الكلام مما قيل لي بقوة

من غير أن أفهم وقتها شيئا

أربط خوفي وعصابةَ المراكب

المطوية الشراعات

وضفةَ النهر 

 أركض وحدي نحو هذه الغرفة

وصفوفها المدرجة

أذكر صيدلية الناجي

وورشة الحداد

تفتح النافذة الآن على نسيم الصبح

كلما تغيب الشمس

الآن فى الفصل يمر جسدي بخبرة الهروب منه

ولم تكن تلك هي المرة الأولي

الآن فى الفصل أعود للنسمة نفسها

إيرينُ يكاد أن يكون إسم وردة -

أكرر اختفائي المتعمدَ بين ذرات الهواء الباردة

فأنت أبعدُ الآن من السماء

..

إيرين، إنّني أصبت باكتمالِ

عابرٍ بدائيٍ علي يديك

هدأت مرة ثم ارتعبت مرةً،

 ومرة للأبد ابتسمت

بعد أن مررت جنب فخذك الدافئِ

وقتها كنت مهيأ للقفز

رغم ما يحوط جسدي من أذرعٍ خفيفةٍ خفية

أسخر من رقصتها  لأنها لابد أن تكون مضحكة

ومرة عرفت مرةً أني هنا

 وأنني سوف أظل هاهنا لبعض الوقت

أهرب من عيني معلمتي

 إلي نيران لحّام الحديد

 ونداء بائع الفول

الرخيم والمضحك أيضا

صخبٌ تطفو علي ذراعه عيناي

أسفل النافذة الطويلة

هناك بالشارع

أو هناك

فى السماء

..

 يا أيتها البنت التي تظن أنها كانت علي الدوام أمَّ كلِّ شئ

وتزعم أنها تحلم بابنةٍ

لأنها تخاف بشكل ما

من أن يكون لها ولد .

 دخلت قبلُ قصرَكِ الذي  سوف أبنيه  فوق عظمي المجوف

وأضيئه بعينين مبرقشتين 

حيلة عاجزة تلك التي جعلوكي تريدين تكرارها معي

 فأنت تعرفين أنني أجاهر باحتيالي

فمتي تهجرين ذلك المعني الشبق

معبأ فى كأس شرف

 نشربه للاحتفال بخطيئة جميلة

لكي نتيح للضمير أن يصبح لزجا

وكاذبًا للنهاية

  هل تقنعينني بدور الشرير الجبان

أي الطيب ؟

وأنا أقاوم ألما يصعبد من بطني السفلي

هو نفس الألم الذي انتابني

أول مرة

أشم فيها رائحة ذبح الحديد

ودخان العربات

التي أقلتني يوميا

إلي البوابة الشاهقة بعنف

وملعب الكرة المربع

وإلي عيون مريمية

دفئت برودة فصلنا ذي السقف العالي

دون أن تخدش بياض الهواء

خلف النافذة

..

فى الحصة الأخيرة

لن تتركيني-رغم أنفنا

إيرين

لاتقول عينان أكثر من عين واحدة

إيزيس المحتضرة فى زحام بروحي

وحوريس الوحيد

مستعد تماما للاصطدام

وهو يقود دراجة لأول مرة

فى شارع المنشية

قبلها كان يركب خلف صديق

ويغمض عينيه عن القادمين

فطالما أنه لايمسك المقود

كان يملك رفاهية الخوف

ويفكر كم أن عليه أن يمضي

ومتي يجئ العصر

 أن يدخل من باب الحلم

هذا الذي كان يعتقد أنه فى قاع دولابه فى الوسط

وراء الثياب القديمة المتراكمة

فى مساحة

حرة دائما من مرور الوقت

ومن ثقل مروره

وكان يَفتحُ من ظلامٍ أبدا

فى بقعٍ بلاظلال

هناك حيث يحضن الجسم ظلًا له

أو ظلالا

حيث تضئ عينانا

مثل شمع إذا لا يجيد الاحتفال

يبكي بصبر

إذا احترقنا

أنا وإيرين

عيوننا الأربعة

وموج مقعر أسفلها

موج مقعر ودائري

بحر ليس سوي دوامة أبدية

نحن كنا فيه موجا لم يعرف متي بدأ

ولا كيف ان ينتهي

أنا وإيرين

 وفي أرض الأحلام نجري وحيدين

ومنفردين

فالأحضان

 لليقظين، حيث كان عليهم أن يناموا

نطلق أذرعنا بكل وقار ونلعب

كأنني حين تختفين فجأة

كصورة معتادة علي الذوبان

إذا افتقدتها عن عمد

أو حدقت أكثر فيها

وكلما لعبت وحدي الدوّامة

أنظر للدائرة الوهمية وهي تسرع

فأفهم الشرط

وأتعلم مرة بعد مرة

أن أنجو من ألم البطن الذي يصعد من أسفل بطني

وأن الغثيان ليس سوي عَرَضٍ

لضجيج لا ينفع ترويضه

بأي الطرق الكلبية

تقول لي البنت التي تحيا نفسها كقطة حقيقية

إن القطط خائنة تقولها وعلي وجهها حزن

ماذا يريد إنسانٌ من قطةٍ ليتهمها بنكران الجميل؟

تقولها وتداعب كلبها الابيض

إنهُ وفيٌّ طبعا وهي لن تحتاجه فى معارك جسدية

فهو كلبٌ مخصيّ

وهي أنثي

لا تفكر عادةً فى أن تحارب

تقولها وهي تمتن لحقها

فى أن يجامل أحدهم رقتها

ويصنع لها كوب قهوة

أو يحكي لها شيئا تافها

قبل أن تساعد كلبها الصغير الجميل

فى محبة حياة

بها كثيرٌ من الجدران والسيارات

والبشر

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project