إلى العالمِ باسمه (أبو البنات)

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

آسيا مهلهل

كانَ يقولُ لنا دائمًا:

أنتُنّ كفايَة،

قبل أن ينطقها بعينيه،

يزرعها كجدارٍ حولَنا

لا نراه…

لكنّه وحده

كان يقف في وجهِ محاكمِ الريح،

يُرمِّمُ الطريقَ تحتَ أقدامِنا،

كأنّنا نرحلُ إلى العالمِ باسمه،

ونمنعُ نداءَ الخيبة.

 

كلّما نادتْنا الحياةُ بأسمائنا الكاملة،

كُنّا نسمعُ صوته أولًا—

يرتّبُ الهواء،

ويُمهّدُ للخطوة.

 

لم يَبحثْ عن ولدٍ يحملُ اسمَه،

كانَ يرى في أصابعِنا

امتدادَ النخلة،

ونسغَ السلالة.

يسندُ الأبوابَ بأسمائنا نحن،

ويكتبُ على جدرانِ قلبِه:

هؤلاءِ بناتي، وكفى.

 

بعد أن رحل،

لم يتغيّر البيت،

لكنّ النوافذَ نسيتْ كيف تُفتح،

والهواءُ صار يتردّد،

كمن يخشى أن يوقظ شيئًا نائمًا في الجدران،

شيئًا لا نجرؤ على تسميتِه.

 

صار لنا بعده بابٌ نُغلقه بيدينِ أضعف،

وأحاديثُ تعرفُ مكانه… ثم نسيت الطريق،

وأسئلةٌ لا تجلسُ إلّا على كرسيّه،

تحدّقُ فينا،

كأنها لم تَعُدْ تصدّق أن أحدًا سيُجيب.

 

منذ ذلك اليوم،

لم نعد وحدَنا،

لكنّنا عرفنا الوحدة.

 

رحل،

وأخذَ اسمَه من على مائدةِ العشاء،

وتركَ لنا صوتَه،

يهمسُ في الغرف:

كونوا ما أنتنّ عليه… وأكثر.

…………………………….

*شاعرة من العراق

 

مقالات من نفس القسم